(ومن ماله لا يفي بما عليه) أفادنا المؤلف رحمه الله أن المال موجود لكن لا يفي بما عليه فالديون أكثر من المال؛ لأنه إذا كان يمكن أن يوفي من ماله فقد سبق، لكن إذا كان عنده مال ولا يفي بما عليه حالًّا وجب الحجر عليه، فإن كان عنده مال لا يفي بما عليه مؤجلًا فإنه لا يُحجر عليه؛ لأننا قلنا قبل قليل: إنه لا يُطالب بالدين المؤجل حتى يحل أجله.
قال المؤلف:(وجب الحجر عليه بسؤال غرمائه أو بعضهم) وجب على من؟
طلبة: القاضي.
الشيخ: على القاضي، وجب على القاضي الحجر عليه، والحجر عليه هو منعه من التصرف في ماله لا في ذمته هذا الحجر عليه. يمنعه من التصرف في ماله لا في ذمته فلا يبيع ولا يشتري ولا يهب ولا يوقف ولا يرهن ولا يفعل أي شيءٍ، كان يُحجر عليه في ماله لكن (بسؤال غرمائه أو بعضهم) لا بد أن يسألوه، يسألوا أيش؟
طالب: المال.
الشيخ: يسألوا الحجر، فإن لم يقولوا للحاكم: احجر عليه لم يجب عليه حتى وإن كان دينه أكثر من ماله؛ لأن الحق للدائن فإذا لم يُطالب بالحجر فإننا لا نحجر عليه.
ما هو الدليل على الحَجر؟ الدليل على هذا أثرٌ ونظر؛ أما الأثر: فهو ما يروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه حجر على معاذٍ وباع ماله (٤).
وأما النظر: فلأن في الحجر عليه حماية لحق الدائن وحماية لذمة المدين أو لا؟
طالب: نعم.
الشيخ: حماية لحق الدائن حتى يُعطى حقه أو بعضه، وحماية لذمة المدين لئلا تبقى ذمته معلقة مشغولة بالدين دائمًا، وهذه مصلحة كبرى عظيمة للدائن والمدين؛ فكان مقتضى النظر الصحيح أن يثبت الحجر.
يقول المؤلف:(ويُسْتَحب إظهاره) أي: إظهار الحجر؛ يعني: أن يُعلن إما في الجرائد، أو المجلات، أو في الأسواق، عند أبواب المساجد، أو يُكتب إعلان على دكان مثلًا بأن هذا محجورٌ عليه وإنما استُحِب إظهاره لفائدتين:
الفائدة الأولى: ليظهر مَن له دين عند هذا الرجل؛ لأنه إذا اشتهر أنه حجر عليه فأهل الدين سيأتون.