الفائدة الثانية: لأجل ألا يتصرف أحد معه في هذا المال الذي عنده؛ لأن تصرفه في ماله بعد الحجر، ويش حكمه؟ باطل لا يصح، فإظهار الحجر سنة تُستحب كما قال المؤلف لما فيه من الفائدة للمحجور عليه وللغرماء ولغيرهم من الناس؛ المحجور عليه حتى يعلم الناس أنه قد حجر عليه، فمن له دين أقبل وطالب به، وهذا فائدة للمحجور عليه، وللدائن أيضًا ولغيرهم من الناس إذا علم الناس أنه قد حُجر عليه فإنهم لا يعاملونه؛ لأنه سيأتينا أن من عامله بعد الحجر فإن المعاملة معه غير صحيحة.
يقول:(ويُستحب إظهارُه ولا ينفذ تصرُّفه في ماله بعد الحجر ولا إقراره عليه).
(لا ينفذ تصرفه) أي: تصرُّف المدين (في ماله بعد الحجر)، مثاله: حجرنا على هذا الرجل المدين وقلنا: لا تتصرف في مالك فباع شيئًا من ذهب، مثلًا باع السيارة، باع البيت، باع المتاع فالبيع غير صحيح وغير نافذ، لماذا؟ لأنه محجور عليه فأصبحت أمواله مشغولة بحقوق من؟ بحقوق الغرماء فصار كالراهن يبيع الرهن، وبيع الرهن على ما سبق غير صحيح فتصرفه في ماله لا يصح.
وقول المؤلف:(في ماله) يؤخذ منه أنه لو تصرف في ذمته فإن ذلك جائز، كيف يتصرف في ذمته؟
يعني: يشتري من إنسان شيئًا بدراهم في ذمته، ما فيه مانع؛ لأن المال الذي حُجر عليه الآن لا يتضرر بذلك.
أقر لفلان بأن في ذمته له كذا وكذا، يجوز ولّا لا؟
يجوز لكنه يطالب به بعد فك الحجر، وإنما جاز ذلك لأن الحجر عليه إنما هو في ماله فقط.
وقول المؤلف:(في ماله بعد الحجر) أفادنا رحمه الله أنه لو تصرف في ماله قبل الحجر فتصرفه صحيح، وظاهره ولو أضر بالغرماء، لكنه يحرم عليه.
مثال ذلك: رجل عنده ماله، الآن يساوي عشرة آلاف ريال وعليه دين يبلغ عشرين ألف ريال، الآن دينه أكثر من ماله، فهل ينفذ تصرفه في ماله ببيع وهبة وصدقة ووقف وما أشبه ذلك.