والظاهر أنه يرجع كذلك لو اشترى بها شيئًا باقيًا، مثل المثال الأول الذي قلت: إنه اشترى بها دبابًا، والدباب موجود الآن يرجع به الذي أقرضه ولّا لا؟ يرجع؛ لأنه عوض ماله، لكن إذا أتلفوه، تلف صرفه في منتزهات وأندية وما أشبه ذلك فلا رجوع.
قول المؤلف:(ومن أعطاهم ماله)(مَنْ) هذه اسم شرط. واسم الشرط من صيغ العموم، فهل يَعُم ما إذا كان المعطي مثل المعطَى؟
يعني: محجورًا عليه بمعنى أن صبيًّا أعطى صبيًّا مالًا فأتلفه، فهل يرجع الصبي المعطي على الآخذ؟ ظاهر كلام المؤلف أنه لا يرجع؛ لأنه هو الذي سلَّطه على ماله، ولكن قد يقول قائل: إنه يرجع؛ لأن تصرف الصبي كذا تصرف؛ إذ إن الصبي الذي أعطاه محجور عليه أيضًا فتصرفه غير صحيح، ولكن المعنى الأول أقرب؛ لأن الصبي المعطي هو الذي سلطه على ماله، والحقيقة أن التفريط من ولي هذا الصبي؛ لأنه لا يجوز له أن يسلط الصبي على شيء من ماله، له أهمية بحيث يتلفه.
قال:(وإن أتلفوه لم يضمنوا ويلزمهم أرش الجناية)(أرش) بمعنى قرش في لغة؟
المراد بـ (أرش الجناية): ما يترتب عليها من ضمان، يعني أن هؤلاء الثلاثة وهم: السفيه والصغير ومن؟ والمجنون، لو جَنَوا على أحد فإن أرش الجناية واجب عليه، ويش معنى جنى على أحد؟
افرض أنه دهس رجلًا حتى انكسرت رجله، رجل المدهوس أو مات، فأرش الجناية على مَنْ؟ على هذا المحجور عليه، لكن إن كانت دية فالدية على عاقلته، وإن كان دون ثلث الدية فهو أيش؟ فعليه هو نفسه.
لو أن هذا الصبي جنى على فرس إنسان حتى كُسِرَ رجل الفرس يلزمه الضمان ولّا لا؟ يلزمه الضمان؛ لأن صاحب الفرس لم يسلطه عليه فيلزمه الضمان.
إذا قال قائل: كيف تُلْزِمونه بالضمان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَفِيقَ»(٦)؟