هي (أن يشترك) يقول: (بدنان بماليهما ليعملا فيه ببدنيهما)، إذن هي اشتراك في مال وعمل، (يشترك بدنان) أي: رجلان أو امرأتان، (بماليهما ليعملا فيه ببدنيهما).
مثال ذلك: أنا عندي عشرة آلاف ريال، ورجل آخر عنده عشرة آلاف ريال، واتفقنا على أن نفتح محلًّا أو محلين، ونشتري بضاعة بالدراهم التي اشتركنا فيها، وهي عشرون ألفًا، وصار كل واحد منا يعمل بهذا المحل، نعمل فيه جميعًا، نسمي هذه شركة عنان، لكن يقول المؤلف: لا بد أن يكون المال معلومًا، فإن كان مجهولًا -كما لو قلت: سأشترك أنا وإياك فيما عندي من هذا المال، وهو في صرة مجهول العدد، وفيما عندك من هذا المال، وهو في صرة مجهول العدد- يقول: هذا لا يصح، لماذا؟ لأنه مجهول، والمجهول لا يمكن الرجوع إليه عند فسخ الشركة؛ لأنا إذا فسخنا الشركة فإلى أي شيء نرجع؟ ما ندري إلى أي شيء نرجع، فلا بد أن يكون المال معلومًا.
هل يُشْتَرط أن يكون متساويًا؟ لا يُشْتَرط؛ ولهذا قال:(ولو متفاوتًا) يمكن أن تحضر عشرة آلاف ريال وأحضر أنا عشرين ألف ريال، ونشترك، ويكون الربح بيننا كم؟ نصفين ولَّا ثلث وثلثان؟ إن رجعنا إلى المال فالربح يكون ثلثًا وثلثين، لكن قد نجعله نصفًا ونصفًا، بمعنى أن صاحب الثلثين يجعل الربح أنصافًا؛ لأن صاحب الثلث أقوى منه في العمل وأعرف منه، فيزيد في نسبته من أجل عمله، وهذا ممكن، لكن لو جعلناه بالعكس وقلنا: لصاحب الثلث أقل من الثلث، يصح ولَّا ما يصح؟ هل يصح ولَّا لا؟ يصح، يعني معناه سواء جعلنا نسبة كل واحد منهما من الربح بقدر ماله أو أكثر فلا بأس؛ لأن هذا يعتمد على قوة العمل والتجارة والمعرفة بأحوال التجار، وقد يكون أحدهما أعلم من الآخر.
قال:(ليعملا فيه ببدنيهما) فإن قالا: يعمل فيه أحدنا فقط، أنت تأتي بعشرين ألفًا وأنا آتي بعشرين ألفًا وتعمل فيه أنت؟
طلبة: ما يصح.
الشيخ: يقول في الشرح: إنه من العنان، وظاهر كلام الماتن أنه ليس من العنان.