والواقع أن هذا فيه شبه من العنان وفيه شبه من المضاربة؛ فبالنظر إلى أن هذا يعمل بماله وبدنه -أحدهما يعمل بماله وبدنه- يكون شبيهًا بالعنان، وبالنظر إلى أن أحدهما لا يعمل ببدنه وإنما العمل في ماله يشبه المضاربة، فيمكن أن نقول: إن هذا جامع بين المضاربة وبين العنان، ولكن يُشْتَرط في هذا النوع أن يكون له من الربح أكثر من ربح ماله؛ لأجل أن يشتمل على شيء من المضاربة.
أتيتَ بعشرة آلاف ريال، وأتيت أنا بعشرة آلاف ريال وقلت لك: اعمل أنت، أما أنا لا أستطيع العمل، ولك من الربح النصف، يصح ولَّا ما يصح؟ ما يصح، لا بد أن يكون له أكثر من ربح ماله؛ يعني لك من الربح الثلثان.
لماذا لا تصح المسألة الأولى؟ لأن الذي دفع المال ولم يعمل يكون أتاه ربح ماله كاملًا، والذي جمع بين المال والعمل لم يأته إلا ربح ماله فقط، فيكون عمله هباء لا ينتفع منه بشيء.
هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله، وعندي أنه لا مانع من هذا العمل؛ أن يكون له بمقدار ماله؛ لأن صاحب المال الذي لم يعمل إذا أُعطي ربح ماله كاملًا فهو إحسان من العامل، ومن يمنع الإحسان؟ ! أليس يجوز أن أعطيك مالًا لتعمل فيه ويكون الربح كله لي؟ يجوز، وتكون أنت متبرعًا لي بالعمل، فالصواب في هذه المسألة أنه يجوز أن يُعْطَى من الربح بقدر ماله؛ وذلك لأنه يكون بهذا محسنًا إلى صاحبه.
شركة العنان إذن لها صورتان؛ الصورة الأولى: أن يشترك البدنان بماليهما وبدنيهما، ويكون الربح بينهما على ما اشترطاه.
الصورة الثانية: أن يشترك بدنان بماليهما دون بدنيهما، فيختص أحدهما بالعمل، والثاني لا يعمل.