في هذه الصورة يُشْتَرط أن يُعْطَى العامل من الربح أكثر من ربح ماله؛ على المذهب، لئلا يضيع عمله هباءً؛ لأننا لو أعطيناه بقدر ماله صار عمله هباء، ما استفاد منه، والصواب أنه لا بأس به؛ لأنه يقول: أنا مستعد أن أتبرع لأخي بعمل بدني، وأكون كأني اشتغلت بماله وجعلت جميع الربح له، وهذا لا بأس به.
يقول المؤلف رحمه الله:(فينفذ تصرف كل منهما فيهما) أي: في المالين، (بحكم الملك في نصيبه وبالوكالة في نصيب شريكه).
الآن اشتركنا في هذا المال، وبدأنا نبيع ونشتري، إذا كان المال نصفين؛ مني عشرة آلاف، ومنك عشرة آلاف، فإن تصرفي في نصيبي بالأصالة، وتصرفي في نصيبك بالوكالة، وأنت كذلك مثلي، تصرفك في نصيبي بالوكالة وفي نصيبك بالأصالة؛ ولهذا يقول:(بحكم الملك في نصيبه وبالوكالة في نصيب شريكه).
فإذا قال قائل: كيف تقولون: إنه بالوكالة وهو لم يوكله؟
نقول: لأن مقتضى عقد الشركة أن يتصرف في هذا المال المشترك، والوكالة تنعقد بما دل عليها من قول أو فعل، فعلى هذا يغني عقد الشركة عن الإذن الصريح في التوكيل؛ لأنه من لازم عقد الشركة أن يتصرف في المال المشترك بطريق الوكالة في نصيب شريكه وبطريق الأصالة في نصيبه.
(ويُشْتَرط أن يكون رأس المال من النقدين المضروبين) هذا الشرط الأول بالإضافة إلى ما سبق أن يكون المالان معلومين. الشرط الثاني: أن يكونا من النقدين المضروبين، المراد بالنقدين: الذهب والفضة، المضروبين: المجعولين سكة ونقدًا؛ احترازًا مما لو كانت حليًّا من الذهب أو كان تِبرًا من الذهب؛ يعني قطعًا من الذهب أو من الفضة فإن ذلك لا يصح، لماذا؟ لأن القيمة تختلف في غير النقد.