وقد ذكرنا أن هذا من العقود التي كانت في الجاهلية وأقرها الإسلام، وأن فيها مصلحة للناس؛ لأن من الناس من يكون عنده طاقة بدنية ومن الناس من يكون عنده مال، صاحب المال لا يستطيع أن يتصرف، وصاحب الطاقة لا يستطيع أن يتصرف، صاحب المال لأنه زمِن قاصر ضعيف مريض، وما أشبه ذلك، وصاحب البدن قوي لكن ليس بيده مال، كيف يمكن أن ينتفع الطرفان؟ بالمضاربة، يدفع صاحب المالِ المالَ إلى هذا الرجل القوي العامل ويقول: اتجر به ولك نصف الربح، أو ربع الربح، أو ثلثه، حسب ما يتفقان عليه، فجوازها من محاسن الشريعة في الواقع.
إذا قال: خذ هذا المال مضاربة، على أن لك ربح هذا الشهر ولي ربح الشهر الثاني؟ لا يصح.
لك ربح السكر، ولي ربح الشاي؟ لا يصح.
لك مئة درهم من الربح، والباقي لي؟ لا يصح. لا بد أن يكون مشاعًا معلومًا.
قال المؤلف:(والوضيعة على قدر المال)(الوضيعة): يعني الخسارة، (على قدر المال) في شركة أيش؟ الآن نتكلم على أي شركة؟ العنان.
(الوضيعة على قدر المال) يعني: الخسران على قدر المال، بخلاف الربح؛ الربح على ما اشترطاه، والوضيعة على قدر المال، لا يمكن أن يحمل أحدهما خسارة أكثر من قدر ماله، فإذا قدَّرنا أن أحدهما أتى بمئة ألف، والثاني أتى بمئتين، وصارا يتجران، فصار كم اللي معنا من الآلاف؟ ثلاث مئة ألف، وصارا يتجران، وعند التصفية لم يكن لديهما إلا مئة وخمسون ألفًا، كيف نوزع الخسارة؟ نقول: على كل واحد منهما نصفها؟ لا، على قدر المال، أصل المال المشترك ثلاث مئة ألف، وخسر مئة وخمسين، يكون على صاحب المئتين خسارة مئة، وعلى صاحب المئة خسارة خمسين، ولا يمكن أن نقول: إن الخسارة بينهما أنصافًا، لماذا؟ لأننا نحمل الناقص أكثر مما يستحق.