قال:(وإن اختلفا لمن المشروط فلعاملٍ) أعطاه المال مضاربة وقال: لك الثلث، ثم عند الحساب قال العامل: إن الثلث المشروط لك أنت يا صاحب المال، وقال صاحب المال: بل لك أنت أيها العامل، من يكون له؟ يقول: للعامل، فيكون له ثلث الربح، ولصاحب المال الثلثان، لماذا؟ قالوا: لأن الربح تبع للمال، فإذا ادَّعى صاحب المال أن الثلثين له -مثلًا- فهذا هو الأصل، والعامل يستحق الربح بعمله، فهو مدعٍ، فلا يُقْبَل قوله.
إذا قال العامل: اشترطنا الثلثين فهي لي، وقال صاحب المال: اشترطنا الثلثين لي أنا، فمن القول قوله؟ للعامل، المؤلف يقول:(إن اختلفا لمن المشروط فللعامل) سواء كان المشروط هو الأقل أو هو الأكثر.
هذا ما ذهب إليه المؤلف، ولكن القول الراجح في هذه المسألة أن ينظر إلى القرائن، فإذا كانت العادة أن الذي يُشرط له هو العامل وأن هذا النصيب أو الجزء مطابق للواقع أو مقارب فالقول قول العامل، وأما إذا كان الأمر بالعكس والذي جرت به العادة أن الذي يُشرط له جزء هو صاحب المال، وكان هذا الجزء أيضًا كبيرًا لا يمكن أن يُشرط للعامل مثله، فإنه يكون لصاحب المال.
مثال ذلك: كان الجزء المشروط ثلثين، ادَّعى العامل أنه له، وادَّعى صاحب المال أنه له، والعادة أن المضاربة لا يُعْطَى فيها العامل إلا الثلث فأقل، فهنا العرف يشهد لمن؟ لصاحب المال، فيؤخذ بقول صاحب المال.
مثال آخر: المشروط ثلاثة أرباع، قال العامل: إنه لي، وقال صاحب المال: إنه لي، فعلى كلام المؤلف القول قول العامل، وعلى القول الراجح يُنظر: إذا كانت العادة جارية بأن المضارَب لا يُعْطَى إلا ربعًا أو شبهه، ثم يأتي يدعي ثلاثة أرباع يقول: إن المشروط لي أنا، فهنا لا نوافقه؛ لأن العرف يكذبه.