وهو نظير ما سبق لنا في باب الرهن أن الراهن والمرتهن إذا اختلفا في قدر الدين فإنه يُرْجَع إلى الرهن، إذا كان الرهن كثيرا والمَدين يدعي أن الدين قليل فإن القول قول صاحب الحق، الذي هو المرتهِن، وهذه المسألة مثلها، فنقول: إذا ادَّعى العامل ما يمكن أن يكون مشروطًا له في العادة فالمشروط للعامل، وإن ادعى شيئًا بعيدًا عن العادة فالقول قول المالك.
يقول:(وكذا مساقة ومزارعة) يعني: إذا اختلفا لمن المشروط فهو للعامل، ما هي المساقاة؟ أن يدفع شجرًا لمن يقوم عليه بجزء من ثمره.
مثال هذه المسألة: دفعت هذا الشجر إلى عامل -أي: فلاح- قلت: خذ قم على هذا النخل ولك نصف الثمر، أخذه وعمل فيه، فإذا حصلت الثمرة نقسمها نصفين؛ للعامل نصف، ولصاحب الأصل النصف.
أعطيت شخصًا آخر هذا النخل ليقوم عليه وقلت: لك ربع الثمرة، وعند الجذاذ قال العامل: إن الذي شرط له ربع الثمرة صاحب النخل، وقال صاحب النخل: بل العامل، من القول قوله على المذهب؟ يكون المشروط للعامل، وعلى القول الراجح ننظر: إذا كان هذا النخل يمكن أن يُسَاقى عليه بالربع أو قريب من الربع فنعم، أما إذا كان لا يمكن فإننا لا نجعله للعامل، لو كان هذا النخل لا يمكن أن يُسَاقى عليه إلا بثلاثة أرباع فأكثر فإننا نقبل قول العامل، ويكون الربع لمن؟ لصاحب النخل.
المزارعة: أن يدفع الإنسان أرضًا لمن يزرعها بجزء من الزرع، فعند التصفية اختلفا لمن المشروط؟ فالمذهب أنه للعامل، والقول الثاني أنه للعامل إن كانت دعواه مقاربة، أما إذا كانت بعيدة من الواقع فإن القول قول صاحب الأرض.
قال المؤلف:(ولا يُضارب بمالٍ لآخر إن أضر الأول ولم يرض، فإن فعل ردَّ حصَّتَه في الشركة) لا يضارب من؟ المضارَب، الذي هو العامل لا يضارب بمال لآخر بشرطين؛ يعني: المنع لشرطين إن أضر الأول ولم يرض.