وإما أن يعطيه شخصًا يقوم عليه بجزء منه من ثمره، وهذا هو المساقاة، فصار النظر الصحيح يدل عليه.
فإن قلت: إذن تكون المساقاة جارية على القياس.
فالجواب: نعم، هي جارية على القياس، خلافًا لمن قال: إنها جارية على خلاف القياس؛ لأن الجزء المشروط للعامل مجهول، فإن هذا الشجر قد يثمر ثمرًا كثيرًا يقابل أضعاف ما أنفق العامل عليه، وقد يُثْمِر ثمرًا قليلًا دون ما أنفق عليه، وقد لا يثمر شيئًا، أليس كذلك؟
طلبة: بلى.
الشيخ: فيكون العامل خاسرًا مئة في المئة، لذلك كان نصيب العامل مجهولًا، فكانت على خلاف القياس، فيقال: هذه نظير المضاربة تمامًا، ليش؟ لأن المضاربة يأخذ العامل الدراهم، ويسافر ويتعب، ويذهب يمينًا وشمالًا، ويربح ربحًا عظيمًا كثيرًا، وفي النهاية يشتري سلعة تُجْحِف بجميع الربح، إذن خسر ولّا لا؟ خسر البدن وخسر المال؛ لأن هذا الربح اللي كان متوقع أن يحصل له ذهب، ومع ذلك فهي جائزة.
وأقول: إن المضاربة على خلاف القياس أيضًا؛ لأن العامل يتعب تعبًا عظيمًا، ولا يحصل على شيء إذا خسر المال، أو إذا لم يربح المال، فنقول: ما هو القياس الذي تعنيه؟ القياس الذي يكون على خلافه أن يكون أحد المتشارِكَيْن غانمًا والثاني غارمًا، أما إذا اشتركَا في الْمَغْنَم والْمَغْرَم فإن هذا على وفق القياس، وكون العامل تحت الخطر لا يعني خلاف القياس؛ لأن كل إنسان يعمل في هذه الدنيا فهو تحت الخطر، حتى الإنسان اللي يعمل في ماله تحت الخطر، لذلك نقول: هي لما تتضمنه من المصلحة ولكونها جارية على سنن الحياة هي موافقة للقياس.
إذن المساقاة ما اسمها عندنا في اللغة العامية؟ الْمُفَالَحَة.