قال المؤلف رحمه الله:(تَصِحُّ)، كلمة (تصح) تدل على أنها تجوز؛ لأنه يلزم من الصحة الحِلّ؛ إذ لا يكون الشيء صحيحًا حتى يكون حلالًا، ولهذا الحرامُ فاسد، إلا ما لا حكم له، يعني ما لا يترتب عليه حكم فإنه حرام، ولا يقال: فاسد ولا غير فاسد، كاللعن والسب والشتم والظهار، وما أشبه ذلك من الأشياء التي هي حرام بنفسها، ما يترتب عليها صحة وفساد فهذه تكون حرامًا، ولا يقال صحيحة ولا فاسدة، إذن قول المؤلف:(تصح) يلزم منه الحِلّ والجواز، ولّا لا؟
يقول:(تَصِحُّ عَلَى شَجَرٍ)، إذن لا بد من شجر، فلو دفع أرضًا لمن يغرسها مساقاةً فإنها -على كلام المؤلف- لا تصح، لا بد أن يكون الشجر موجودًا، لكن لو دفعت إليه أرضًا ليشتري شجرًا على حسابي، ثم هو عامِلٌ فيه بعد غرسه، فهذا جائز؛ لأنني جعلته وكيلًا لي في تحصيل الشجر وغرسه، ثم هو عامل بالمساقاة بعد أن يُغْرَس.
قال:(لَهُ ثَمَرٌ) احترازًا مما لو ساقَيْتُه على شجر لا ثمر له، مثل الأثل؛ الأثل له ثمر لكن ما هو يؤكَل، فيه شجر لا ثمر له؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: لا الشجرة هذه لها ثمر، ما يخالف، على كل حال فيه أشجار ليس لها ثمر، هذه الأشجار إذا ساقَيْتُه عليها فإن المساقاة لا تصح؛ لأن المساقاة دفع شجر لمن يقوم عليه بجزء من ثمره، فإذا كان ما له ثمر فإذن لم يكن له شيء.
ولكن الصحيح في هذه المسألة أنه إذا كان هذا الشجر الذي لا ثمر له مما تكون غلته بقطعه فإن المساقاة عليه تصح، مثل الأثل؛ الأثل فيه ثمر لكنه غير مقصود، فإذا ساقيته على هذا الأثل على أن يكون له نصفه إذا قُطِع فهذا لا بأس به؛ لأني اشترطت أنا وإياه فيما يحصل من هذا الشجر، سواء كان من ثمره أو من أصله الذي يُقْطَع ويأتي بدله ما يخلفه.
(لَهُ ثَمَرٌ يُؤْكَلُ)، فإن كان الثمر لا يؤكَل لم تصح المساقاة عليه، حتى وإن كان هذا الثمر مما يُقْصَد ويُنْتَفَع به بأدوية أو غيرها، وهذا فيه نظر، كلام المؤلف فيه نظر.