للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المؤلف وهي: (أَنْ يَشْتَرِكا فِيمَا يَكْتسِبانِ بأبْدَانِهِمَا)، إذن هذان الشريكان ليس عندهما مال، أو عندهما مال لكن لا يريدان أن يشتركَا في المال، وهذه تكون بين النَّجَّارين والحدادين والحطابين والحرَّاثين، وغيرهم ممن يعملون بالبدن، ويشتركون في الْمَغْنَم.

قال: (فَمَا تَقبَّلَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ عَمَلٍ يَلزَمْهُمَا فِعْلُهُ) نقول: (يلزمْهما) بالجزم؛ لأن (يلزمهما) جواب الشرط، كيف ذلك؟ (ما) شرطية، و (تقبل) فعل الشرط، و (يلزم) جواب الشرط، يعني فأي عمل تقبَّلَه أحدهما يلزم الشريكين فعلُه، قلت: إنه يلزم الجزْم هنا، مع أنه من الناحية العربية يجوز الرفع، كما قال ابن مالك:

وبَعْدَ مَاضٍ رَفْعُكَ الْجَزَا حَسَنْ

وَرَفْعُهُ بَعْدَ مُضَارِعٍ وَهَنْ

فهنا (تَقَبَّل) ماضٍ، فيجوز أن نرفع المضارع الذي هو جواب الشرط، لكننا لو رفعنا جواب الشرط هنا لأوهم أن تكون جملة (يلزمهما) صفة لـ (عمل)، يكون التقدير: (فما تقبَّله أحدهما من عمل لازمٌ فعله لهما)، وهذا يُخِلّ بالمعنى، أما إذا قلنا بالجزم يلزمهما فإنه يزول هذا الاشتباه.

على كل حال معنى العبارة أن أحد الشريكين المشترِكَيْن في الأبدان إذا تقبَّل عملًا لزمهما جميعًا فعله، فلو أن رجلين اشتركَا في نِجَارة، وفتحَا محلًّا، وجاء شخص من الناس إلى أحدهما واتفق معه على أن يصنع له عشرة أبواب، وذكر الأبواب، وصح عقد الإجارة، هل يطالِب الشريكين جميعًا بتنفيذ هذا الاتفاق؟

طلبة: نعم.

الشيخ: أو يكون الاتفاق بينه وبين أحدهما فقط؟

طلبة: يلزمهما جميعًا.

الشيخ: يلزمهما جميعًا، يطالب الذي باشر العقد والذي لم يباشر؛ لأن هذا هو مقتضى الشركة، وإلا لو قلنا: إنه لا يطالب إلا مَن باشر العقد، لم يكن للشركة فائدة أبدًا، ولهذا قال المؤلف: (فَمَا تَقبَّلَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ عَمَلٍ يَلزَمْهُمَا فِعْلُهُ).

<<  <  ج: ص:  >  >>