قال المؤلف:(إِنْ مَرِضَ أَحَدُهُما فالكَسْبُ بَيْنَهُمَا)، يعني هذان الشريكان اشترَكَا في عمل نجارة، وتم العقد معهما على نجارة باب أو بابين، في أثناء العمل مرض أحدهما، وأَتَمّ الثاني العمل، يكون الكسب بينهما.
فإن قال العامل الذي أتم العمل: العمل الذي انفردت به لا يشاركني به الآخر، يعني الاتفاق، نضرب مثلًا ليكون أوضح، الاتفاق على بَابَيْن، لما صنع الشريكان الباب الأول مرض أحدهما، وأتم الثاني الباب الثاني، فقال الذي أتم: نحن في الباب الأول شريكان، أما في الباب الثاني فهو لي، فماذا نقول؟
نقول: هذا ليس بصحيح؛ لأن الشركة لا تنفسخ بالمرض، فالشركة إذن باقية، والأجرة بينهما على ما شَرَطَاه.
فإذا قال: كيف يَحِلّ له أن يأخذ شيئًا لم يعمل مقابله شيئًا؟
فالجواب: أن الأصل بقاء الشركة، وأن كل واحد منكما مطالَب بما التزم به الآخر، فأنتما شريكان في الْمَغْنَم، وشريكان في الْمَغْرَم.
ثم نقول له: لماذا لما رأيت أخاك قد مَرِض لماذا لم تطالبه بأن يقيم مَن يقوم مقامه؟ أليس هذا بواجب؟ نعم، نقول: كان الذي ينبغي أنك لما رأيته قد مرض طالبته بأن يقيم مُقَامه مَن يساعدك في العمل.
ولهذا قال:(وَإِنْ طَالَبَهُ الصَّحِيحُ أَنْ يُقِيمَ مُقامَهُ لَزِمَه)، فإن أبى قال: خَلِّ واحدًا من قِبَلِك يشتغل معي، قال: لا، أنا إذا كنت صحيحًا عملت معك، وإلا فلا أستطيع، فللآخر فسخ الشركة، تقول: إذا كنت الآن لا تقيم معي مَن يقوم مقامك، فإنني أفسخ الشركة، وله أن يفسخ ولّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم له أن يفسخ، فإن قال قائل: كيف تُمَكِّنُونه من الفسخ وقد تم العقد بينه وبين صاحبه وهما شريكان؟