يقول:(لا يُشترط كون البذر والغراس من رب الأرض)، (كون البذر) في أيها؟ في المزارعة، والغراس: في المغارسة، وهذه المغارسة غير المساقاة، لا يشترط أن يكون من رب الأرض.
قال:(وعليه عمل الناس) يعني أن الناس ما زالوا يدفعون أراضيهم لمن يزرعها ولا يعطونه الحب الزرع، ويدفعون الأرضين لمن يغرسها ولا يعطونه الغراس، وعمل الناس على هذا من غير نكير يدل على أنه ليس بشرط، وقد يدعى فيه الإجماع ما دام عمل الناس منذ زمن قديم على هذا من غير نكير، فقد يدعى فيه الإجماع، إنما كون الناس يتعاقبون على العمل به من غير أن ينكر عليهم يدل على قوته.
ولنأتِ بالدليل على ما قال المؤلف؟ الدليل على ما قال المؤلف سلبي وإيجابي:
ما هو السلبي؟ السلبي: أن نقول: الأصل عدم الشرط، وأن العقود بين المسلمين جائزة بدون شرط، هذا هو الأصل، ولهذا من منع عقدًا من العقود نقول: ائتِ بالدليل، ومن منع عقدًا من العقود إلا بشرط قلنا أيضًا: ائتِ بالدليل؛ لأنه إذا كان منع العقد من أصله يحتاج إلى دليل، فمنع وصف في العقد يحتاج أيضًا إلى دليل؛ لأن منع العقد إلا بوصف أو شرط هو في الحقيقة منع لكنه ليس منعًا مطلقًا، بل منعًا مقيدًا بحالة، وهي عدم وجود الشرط. ما أدري الكلام هذا مفهوم ولَّا لا؟
لو جاءنا جاءٍ وقال: المزارعة حرام ممنوعة، ماذا نقول له؟ نقول: هات الدليل؛ لأن الأصل في غير العبادات الحل، نقول: هات الدليل.
ولو جاءنا جاءٍ وقال: المزارعة جائزة ولكن بشرط أن يكون البذر من المالك، من رب الأرض؟ نقول أيضًا: هات الدليل، لماذا؟
أولًا: لأن الأصل إذا ثبت جواز العقد فالأصل عدم الشرط فيه، هذه واحدة.
ثانيًا: أننا إذا أضفنا شرطًا إلى حله معناه أو مقتضاه أننا نمنع هذا العقد عند عدم وجود الشرط، وهذا يقتضي أن هذا العقد ممنوع في بعض الأحوال، صح ولَّا لا؟