مقدار الحد المزروع، خسر المزارع بدنيًّا وماليًّا، ولنفرض أنه زرع خمس مئة صاع، وجاء الزرع يعني خمس مئة صاع من الحب، وجاء الزرع خمس مئة صاع فقط، كم بيروح من الخمس مئة؟ بيروح مئتين وخمسين مثلًا لصاحب الأرض، وهذا خسر -المزارع- خسر مئتين وخمسين، وخسر أيضًا العمل والتعب، فيكون ربح هذا المالك بغير حق؛ لأنه أخذ من المزارع جزءًا من ماله بدون أي عمل، ما عمل شيئًا، ويكون هذا المالك غانمًا، والمزارع غارمًا، يكون غارمًا.
وهذا الحقيقة لولا الحديث -حديث معاملة خيبر- لكان القول قول من يقول بأنه لا بد في المزارعة من أن يكون الحب من صاحب الأرض. عمل الناس اليوم ليس إلا على ما مشى عليه المؤلف.
***
[باب الإجارة]
ثم قال المؤلف:(باب الإجارة).
الإجارة مأخوذة من الأجر، وهو العوض المقابل بعمل يسمى أجرًا.
ولهذا يسمى ثواب العمل أجرًا، قال الله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[آل عمران: ١٨٥].
وهي نوع من البيع، الإجارة نوع من البيع، ولهذا يحرم عقد الإجارة في المسجد كما يحرم عقد البيع، ويحرم عقد الإجارة بعد نداء الجمعة الثاني كما يحرم عقد البيع؛ لأنها نوع من البيع، فهي بيع المنافع في الواقع.
الإجارة تكون على أعيان، أي: على منافع الأعيان وعلى أعمال.
مثال الأول: استأجرت منك السيارة لمدة عشرة أيام أو للحج عليها، هذا عقد على أيش؟ على منفعة عين.
عقد على عمل: استأجرتك على أن تعمل بمزرعتي لمدة يومين أو ثلاثة أو شهر أو شهرين، هذا عقد على أيش؟ على عمل. وسيأتي أقسامها إن شاء الله تعالى في كلام المؤلف.
عقد الإجارة: جائز بدلالة القرآن والسنة وإجماع الأمة:
أما القرآن فإن الله سبحانه وتعالى يقول عن المرأتين اللتين سقى لهما موسى: إنهما قالتا لأبيهما: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ}[القصص: ٢٦].