ومنه، بل هو من الحداء في الواقع، ما يفعله الناس لما كانوا يحدون على الإبل، كان فيه بعض العمال يسمونه عاملًا، اللي يسوق الإبل للسواني يسمى العامل عندنا، فيه ناس من العمال عندهم صوت وأداء إذا سمعته الإبل صارت تمشي وكأنها مجنونة حتى تبدى تخرج من المشي العظيم، تسرع في الانحدار وفي الرقي وتخرج ماء عظيمًا، فلو استأجرنا هذا العامل وزدنا في أجرته من أجل حسن حدائه للإبل فإن هذا جائز ولا بأس به.
والمهم العمل هل هو حرام ولَّا حلال؟ إذا كان حرامًا فالاستئجار عليه حرام، وإذا كان حلالًا فالاستئجار عليه حلال.
(وجعل داره كنيسة) جاء نصراني يستأجر مني الدار ليسكنها، وجاءني نصراني آخر يستأجر هذه الدار ليجعلها كنيسة، معبد نصارى، ماذا نقول في الإجارتين؟ الأولى: صحيحة وإن كانت مكروهة عند بعض أهل العلم، والثانية حرام بلا شك، استأجرها ليحولها إلى كنيسة هذا لا يجوز؛ لأن هذا إعانة على الإثم والعدوان.
فإن قال قائل: أليست الكنيسة جائزة للنصارى؟ قلنا: ولكنها ليست مرضية لله ولا لرسوله، ولا يجوز لنا أن نمكنهم من إقامة عباداتهم في بلادنا.
(أو لبيع الخمر) استأجر مني هذا البيت ليبيع فيه الخمر -خمار- يبغي يصنع الخمر في البيت ويبيعه يجوز ولَّا ما يجوز؟
طلبة: لا يجوز.
الشيخ: لا يجوز؛ لأن هذا عمل محرم، والتأجير من أجله تعاون على الإثم والعدوان وقد نهينا عنه:{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢].
وكلام المؤلف هنا لا يعني أن من باع الخمر يقر عليه، أو من صنع الخمر يقر عليه، لكن لبيان الواقع، وبيان الواقع لا يدل على الإذن والحل، ألم تر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«لتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ»(٧) وهذا يدل على الإذن والإباحة ولَّا لا؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا يدل على الإذن والإباحة، كلام المؤلف يريد أن يبين الواقع، فإذا وقع مثل هذا فهو لا تصح الإجارة عليه.