للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: «إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّيَ»، هذا من باب التحذير، والتعري يعني خلع الثياب، فحذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من خلع الثياب، ولا شك أن هذا النهي محمول على ما إذا لم يكن هناك حاجة، أما إذا كان هناك حاجة كما لو تعرَّى الإنسان للاغتسال، فلا بأس به، وقد ثبت في صحيح البخاري (٢) أن موسى عليه الصلاة والسلام اغتسل عريانًا، ووضع ثوبه على حجر، فهرب به الحجر.

ولكن إذا لم يكن حاجة فلا ينبغي للإنسان أن يتعرَّى، أما إذا كان هناك حاجة سواء كانت الحاجة شرعية؛ كالاغتسال للجنابة، أو كانت الحاجة؛ عادية كالاغتسال للتنظف والتبرد؛ فلا بأس به.

وقوله: «فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إِلَّا عِنْدَ الْغَائِطِ»، يريد بذلك الملائكة الذين وُكِّلوا بحفظ بني آدم أو بحفظ أعمال بني آدم {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: ١٨]، أحدهما: عن اليمين، والثاني: عن الشمال، هؤلاء يفارقوننا عند الغائط، ولكنهم لا يبتعدون عنا، ولا يفوتهم شيء من أعمالنا وإن فارقونا، ومن ثم قال بعض الناس ساخرًا، قال: إذن إذا أردت أن أعمل معصية، فإنني أدخل الحمام؛ لأن الملائكة تفارقني في هذا الحال، نقول: هذا غير صحيح، بل إن الملائكة وإن فارقتك فإنها تعلم ما تعمل فتكتبه.

ثانيًا: «حِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى أَهْلِهِ»؛ لأنه إذا أفضى إلى أهله فإنه سوف يكشف عن عورته، والملائكة تستحي أن تكون مع رجل قد كشف عن عورته، قال: «فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ» يعني ولا تتعروا؛ لأن ذلك يؤدي إلى مفارقتهم، وهذا الحديث ضعفه كثير من أهل العلم، لكننا شرحناه على تقدير صحة الحديث.

ثم قال: (باب ما جاء في العزل: عن جابر رضي الله عنه، قال: كنا نعزل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل. متفق عليه (٣)).

<<  <  ج: ص:  >  >>