للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. سبق أنه يُشترط في العين المؤجرة شروط ( ... ) القدرة على التسليم.

طلبة: ( ... ).

الشيخ: لا يا إخوان، الشرط الثالث: القدرة على التسليم؛ لأن في ذلك دليلًا وتعليلًا؛ أما الدليل؛ فقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» (٥). والإجارة نوع من البيع، وغير المقدور عليه ليس عند الإنسان، ولا في حوزته، ولا في استطاعته أن يقدر عليه.

دليل آخر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغَرَر (٦)، وغير المقدور عليه إجارته غرر؛ لأن مُؤجِره سوف يخفض من الأجرة، وإلا لما استأجر منه، والمستأجر سوف يخفض أيضًا من الأجرة، فإن قدر على هذا المعجوز عنه صار هو الغانم، وإن عجز صار غارمًا، وهذا نوع من الغرر وهو أيضًا ميسر.

التعليل: أن نقول: إن الإجارة نوع من البيع، فإذا اشترطنا في البيع أن يكون مقدورًا على تسليم المبيع، فكذلك نشترط في الإجارة أن يكون مقدورًا على تسليم المستأجر.

الخلاصة الآن: أنه لا يجوز تأجير غير المقدور عليه، بدليل وتعليل؛ الدليل ما ذكرناه، والتعليل أيضًا ما ذكرناه من كون الإجارة بيعًا.

قال: (فلا تصح إجارة الآبق والشارد) (إجارة الآبق) (الآبق) العبد، (والشارد) الجمل. هذا رجل له عبد آبِق هارب، ما يدري وين، جاء إليه إنسان وقال: أجِّرني عبدك فلانًا، قال: والله العبد هرب، قال: أجِّرني إياه، أنا أروح أدوِّر، بس اكتب لي إجارة، قال: أجرتك هذا العبد الآبق لمدة خمسة شهور ابتداءً من الآن. نقول: لا يجوز، لماذا؟ لأنه غرر، والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الغَرَر (٦)، ولأنه ميسر؛ فإن هذا الذي استأجر العبد الآبق سيستأجره بنصف الأجرة، أليس كذلك؟

لا يمكن أن يُعطي أجرة كاملة في عبد آبق أبدًا، إلا رجل سفيه، والرجل السفيه ما تصح إجارته أصلًا، فهذا إن وجد العبد صار غانمًا، وإن لم يجده صار غارمًا، وهذا هو الميسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>