وفيه قول وسط، يقول: ما تلف بفعله الذي يفعله هو بنفسه هو اختيار فهو ضامِن، وأما ما كان بغير إرادة كالزلق وشبهه فليس بضامن، لكن الصحيح أنه لا ضمان مطلقًا إذا لم يتعدَّ أو يفرط.
بقي علينا الأُجرة، يفترق الخاص والمشترك في أن الخاص تجب له الأجرة بكل حال، والمشترَك إذا تلف الشيء ولو بغير فعله فليس له أجرة.
وسبق لنا أن الصحيح أن له الأجرة؛ لأنه أدى ما استؤجر عليه، والتلف ليس منه، فله الأجرة.
أما لو كان التلف بفعله فإنه يضمنه مصنوعًا أو مغسولًا أو مخيطًا، وإذا ضمنه هكذا فاتت عليه الأجرة ولَّا لا؟ المشترك خاط لي الثوب، وسُرق الثوب من الحرز، سؤال: هل يضمن الثوب؟
الطلبة: لا.
الشيخ: لا يضمنه، هل له الأُجرة؟ المذهب: لا أجرة له، والصحيح أن له الأجرة.
تعمد إتلاف الثوب يضمن ولَّا ما يضمن؟
الطلبة: يضمن.
الشيخ: يضمن، هل يضمنه مخيطًا أو لا؟
طالب: نعم، مخيطًا.
الشيخ: إذا ضمنه مخيطًا، فالحقيقة أنه لا أجرة له، الواقع أنه إذا ضمنه مخيطًا فلا أُجرة له؛ لأنه قدر الثوب غير مخيط بعشرة ومخيطًا باثني عشر، إذن أُضيفت الأجرة إلى هذا الرجل، فإذا ضمَّناه قيمة الخياطة، فمعناه أنه لا أجرة له، ربما يكون هناك فرق بما إذا خاطه بأجرة قليلة مراعاة لي، فهنا نُضمِّنه إياه بأكثر من أجرته، مثل: خاطه لي بريال، وقدرنا قيمته مخيطًا باثني عشر، وهو أصله بعشرة كم ضمناه الآن؟
طالب: ضمناه العشرة.
الشيخ: لا، ضمناه ريالين مع أنه إنما خاطه بريال واحد، فضمناه أكثر من أجرته؛ لأننا نضمنه الثوب مخيطًا، فصار الفرق بينهما -أي الخاص والمشترك-: أولًا: من حيث التعريف، وثانيًا: من حيث الضمان، وثالثًا: من حيث الأجرة، هل تُستحق أو لا؟