يقال: العاريَة، ويقال: العاريَّة؛ سميت بذلك لعروها عن العوض.
وهي إباحة نفع عينٍ تبقى بعد استيفائِه. هذا تعريفها شرعًا:(إباحة نفع عين تبقى بعد استيفائه).
لم يقل المؤلف: تمليك نفع عين، بل قال:(إباحة نفع عين) هذه العارية، وهذا باعتبار المعير، وباعتبار المستعير استباحة نفع عين.
فهي باعتبار المعير إباحة، وباعتبار المستعير استباحة نفع عين تبقى بعد استيفائه.
مثال ذلك: أعرتك سيارتي لتذهب بها إلى بُريدة مثلًا، الآن أبحتك نفع هذه السيارة حتى تصل إلى المكان الذي عينته، ولم أملِّكْك النفع؛ وعلى هذا فالمستعير لا يملك تأجير العين المستعارة، لا يملك تأجيرها، ولا يملك إعارتها لغيره، ولا يملك نفعًا سوى ما استعارها له؛ لأنه إنما أبيح له فقط الانتفاع ولم يملكه.
وقوله:(تبقى بعد استيفائه) خرج بذلك ما لو أباحه نفع عين لا يمكن الانتفاع بها إلا بإتلافها؛ مثل أن أقول: هذه دراهم أعرتك إياها، أعرتك هذه الدراهم لتقضي بها حاجتك، هذا لا يُسَمَّى إعارة، ليش؟ إذ لا يمكن الانتفاع بهذه الدراهم إلا بعد إتلافها وشراء شيء فيها بخلاف ما إذا قلت: أعرتك سيارة، فإنك تنتفع بالسيارة مع بقائها.
الفرق بينها وبين الإجارة؛ أن الإجارة ملكٌ للمنفعة، والاستعارة إباحة للمنفعة؛ ولهذا سبق لنا أن المؤجر يجوز أن يؤجر غيره، ويجوز أن يعير غيره، ويجوز أن يستوفي المنفعة بنفسه، وبخادمه، وغلامه، وما أشبه ذلك.
قال:(وتباح إعارة كل ذي نفع مباح) قوله: (تباح) يعني: معناه أنه يجوز، ولا ينفي ذلك الاستحباب مثلًا.
فإذا قال قائل: كيف قال المؤلف: (تباح)؟ نقول: هذا بيان لما تباح إعارته، لا بيان لحكم العاريَّة، انتبه! شوف العبارة:(وتباح إعارة كل ذي نفع مباح)؛ إذن فالعبارة يراد بها بيان ما الذي يعار، وليس المراد بيان حكم العاريَّة.
إذن فما حكم العارية؟
حكم العارية بالنسبة للمُعِير سُنة مستحبَّة، وبالنسبة للمستعير جائزة.