أما الأول؛ فلأن العارية من الإحسان، وقد قال الله تعالى:{وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[البقرة: ١٩٥]، والإحسان عام يشمل كل إحسان {أَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.
أما بالنسبة للمستعير فهي مباحة؛ لأن القرض أشد منها وأعظم منَّة، ومع ذلك فقد أباحه الشارع.
وقد وقعت العارية أيضًا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فإنه استعار من صفوان بن أمية استعار منه دروعًا (٥)؛ إذن هي بالنسبة للمعير سنة، وبالنسبة للمستعير جائزة مباحة.
وقال بعض العلماء: إن العارية واجبة في كل ما لا يحتاجه الإنسان، يعني: لو طلب منك أحدٌ أن تعيره شيئًا وأنت لا تحتاج إليه وجب عليك أن تعيره، لكن بشرط أن تأمن هذا الذي طلب العاريَّة، أن تأمنه من إتلاف العاريَّة أو إفسادها، فإن لم تأمن لم يلزمك.
وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال لأن الله تعالى قال: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: ٤ - ٧] يعني يمنعون إعارة الماعون، وهذا وعيد لهؤلاء الذين لا يقومون بهذا، وما ذهب إليه رحمه الله قوي جدًّا؛ لأن العارية فيها دفع حاجة أخيك المسلم بدون ضرر، أما إذا كان صاحبُك إذا كنت تخشى من الضرر بإفساد هذه العاريَّة، أو تخشى أن يُتلِفها، أو تخشى أن يهرب، أو أن يجحدها؛ فإنه لا يجب عليك أن تُعيرَه، لكن إذا كان محتاجًا وأنت مستغنٍ عنها، فإن الواجب الإعارة على رأي شيخ الإسلام ابن تيمية، ولكن جمهور أهل العلم على أن ذلك مستحب، وليس بواجب.