يعني: استعار مني ثوبًا، الثوب هذا مع اللُّبس تقطع، فلا ضمان على المستعير، لماذا؟ لأن المعير لما أعاره للبس فهو يعلم أنه سيبلى، فهو داخل على بصيرة، وعلى رضًا بما يتلف به.
وكذلك لو أعاره منشفة، تعرفون المنشفة؟ المنشفة فيها خمل، والخمل معروف، هذا الحب؛ حب خيوط صغيرة، كأنك ما عرفتها أنت؟
طالب: الفوطة.
الشيخ: تعرف الفوطة؟
الطالب: فوطة صغيرة.
الشيخ: فوطة صغيرة أو كبيرة. ما فيها خمل؛ يعني: فيها خيوط كأنها نابتة مثل الزرع، كذا عرفت هذا؟ إذا نشف الإنسان فيها فإنها تزول هذه؛ الخمل يزول، أعاره هذه المنشفة لمدة سنة يتنشف فيها، هذا الرجل صار يتنشف فيها فتقطعت هذه الخيوط التي تسمى خملًا، نقول: لا ضمان عليه؛ لأنها تلفت فيما استعيرت له، إلا إذا صار يستعملها بشدة؛ يعني يفرك فيها بشدة، فهذا يكون متعدِّيًا فيضمن.
أعرته قلمًا يكتب به، يجوز؟ هذا القلم مع كثرة الكتابة صار غليظًا، ولَّا لا؟ الغالب أنه يكون غليظًا، فهل يضمن؟ لا يضمن، إلا إذا كان يتكئ عليه كثيرًا، يتكئ عليه جدًّا فإنه يضمن لتعديه، واضح؟ هذه الصورة الأولى.
الصورة الثانية إذا كان المعير لا ضمان عليه؛ إذا استعارها ممن لا ضمان عليه؛ كالمستعير من المستأجِر، المستأجر عليه ضمان إذا لم يتعدَّ أو يفرط؟ لا، فإذا استعار من مستأجر ولم يتعدَّ أو يفرط فلا ضمان عليه؛ لأنه فرعٌ عن المستأجر، المستعير فرعٌ عن المعير، والمعير ليس عليه ضمان فلا يكون عليه ضمان.
الصورة الثالثة إذا استعار شيئًا موقوفًا على عموم الناس؛ كرجل استعار كتابًا موقوفًا على طلبة العلم، وهو من طلبة العلم، فتلف الكتاب عنده بلا تعدٍّ ولا تفريط، فليس عليه ضمان؛ لماذا؟
لأنه أحد المستحقين لهذا الكتاب، أحد المستحقين فهو الآن ينتفع به بالاستحقاق لا بالإعارة، وهو إنما طلبه إعارة من القيِّم على المكتبة مثلًا، وإلا فله الحق في أن يطالع فيه ويراجع فيه.