الشيخ: قول المالك، نقول الآن للذي بيده العين: سَلِّم عشرين ريالًا، لماذا نقبل قول المالك؟ قالوا: لأن الأصل في قابض مال غيره الضمان، وأن الإنسان لا يسلط أحدًا على ماله إلا بعوض، هذا هو الأصل، فما دام الأصل فيمن قبض مال غيره الضمان وأن المالك لن يسلط أحدًا على ماله إلا بعوض إذن فالقول قول المالك.
لكن لاحظ أنه يُقْبَل قول المالك هنا في شيء ولا يقبل في شيء؛ يُقْبَل بالنسبة للمدة الماضية، ولا يُقْبَل بالنسبة للمدة المستقبلة.
لو قال المالك في هذه الصورة: أنا معطيك إياها بأجرة لمدة أربعة أيام، وحصل الاختلاف بعد أن مضى يومان، نقبل قول المالك فيما مضى من المدة، ولا نقبله فيما يستقبل، لماذا؟ لأن خصمه ينكره؛ خصمه يقول: أبدًا، ما أخذتها بأجرة، أخذتها بإعارة، نقول: إذن لا نقبل قول المالك فيما بقي من المدة، ونقبله فيما مضى، ومع هذا نقبله فيما مضى لا على الوجه الذي ادعاه، ويش نقبله فيما مضى؟ بأجرة المثل لا بالأجرة التي ادعاها.
وبهذا نعرف أن الأحكام تتبعض، وهذه قاعدة فقهية: تبعض الأحكام؛ بمعنى إذا وجد ما يثبت أحدها من وجه دون الآخر حكمنا بالوجه الثابت وتركنا الوجه الذي لم يثبت، وهذه قاعدة مفيدة تنفعك في مسائل عديدة، تبعض الأحكام؛ يعني: إذا وجدت صورة تشتمل على حكمين؛ أحدهما وجد ما يقتضيه، والثاني لم يوجد، فهل تلغي ذلك الذي وجد ما يقتضيه تبعًا للثاني، أو تثبت الثاني تبعًا للأول، أو تعطي كل واحد حكمه؟
طلبة: الأخير.
الشيخ: الأخير، أنتم فاهمون المسألة الآن؟ إذا وجدت صورة تشتمل على حكمين وجد ما يثبت أحدهما دون الآخر، فهل نثبت الحكمين جميعًا، أو ننفيهما جميعًا، أو نثبت ما وجد مقتضيه وننفي ما لم يوجد مقتضيه؟