إذن تعريف الغصب: الاستيلاء على حق غيره، وهذا جنس، وقوله:(قهرًا بغير حق) هذا فصلٌ، فخرج بقوله:(قهرًا) ما أُخِذَ على سبيل السرقة ونحوها، و (بغير حق) ما أخذ بحق؛ ما كان الاستيلاء فيه بحق؛ كالاستيلاء على مال اليتيم، واستيلاء الحاكم على مال المفلس ليبيعه ويوفي الغرماء، وما أشبه ذلك.
حكم الغصب؟
الغصب محرم بالإجماع بدلالة الكتاب والسنة على ذلك؛ فقد قال الله تعالى:{لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}[النساء: ٢٩]، وقال تعالى:{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}[الشورى: ٤٢].
وفي السنة قال النبي عليه الصلاة والسلام في أكبر مجمع من أمته:«إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا»(٣)، وقال عليه الصلاة والسلام:«مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقٍّ طُوِّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ»(٤).
والنظر يقتضي ذلك أيضًا؛ يقتضي تحريمه؛ لما في تحليله من انتهاك أموال المسلمين وإشاعة الشر والفساد بين الناس؛ لأن أي واحد بيتسلط عليك بيأخذ ملكك فإنه لا يمكن أن تمكنه من هذا، وحينئذٍ يحصل القتال والعداوة والبغضاء.
قال:(من عقار ومنقول)(من عقار) هذه بيان لقوله: (على حق غيره) يعني: سواء كان هذا الحق عقارًا أو منقولًا، العقار مثل: البساتين والأراضي والدور، هذه العقار، المنقول: ما ينقل ويتحول عن مكانه؛ مثل: الدراهم والثياب والأقمشة والسيارات وغيرها، فما كان ثابتًا لا ينتقل من الأراضي والدور والمزارع وشبهها فهو عقار، وما كان ينقل ويتحرك ويتحول فهو منقول.