وأشار المؤلف بقوله:(منقول) إلى رد قول من يقول: إن الغصب خاص بالعقارات، فإن الصواب أنه يكون في العقار ويكون في المنقول، كيف المنقول؟ تأتي إلى شخص معه كتابه وهو يراجع الكتاب وتأخذه منه قهرًا، نقول: هذا غصب.
ثم قال المؤلف:(وإن غصب كلبًا يُقْتَنى أو خمرَ ذِمِّيٍّ ردهما، ولا يرد جلد ميتة، وإتلاف الثلاثة هدر) هذه ثلاثة أشياء، (إذا غصب كلبًا يُقْتَنى) يعني: يحل اقتناؤه، والكلب الذي يحل اقتناؤه هو كلب الصيد والحرث والماشية، وما عداها فإن اقتناءه حرام.
ولكن ما تقولون في الكلب الذي يحرس الإنسان؟
نقول: إن الذي يحرس الإنسان يجوز اقتناؤه؛ لأنه إذا كان اقتناء الكلب لحراسة الماشية جائزًا فحراسة بني آدم أولى وأحرى، كذلك إذا كان اقتناء الكلب للصيد، والصيد ليس أمرًا ضروريًّا؛ لأن بإمكان الإنسان أن يعيش بدون؟
طالب: صيد.
الشيخ: بدون صيد، فإن اقتناءه للأمور الضرورية من باب أولى.
وأما اقتناء الكلب تشبهًا بالكفار وتفاخرًا به فإن هذا بلا شك حرام، وينقص من أجر الإنسان كل يوم قيراط أو قيراطان (٥)، مع ما في ذلك من إثم التشبه وتقليد الكفار، مع في ذلك من الدناءة؛ لأن الكلب أخبث الحيوانات من حيث النجاسة، فإن نجاسته لا تطهر إلا بسبع غسلات إحداها بالتراب، ولا يوجد نجاسة أغلظ من نجاسة الكلب مع ما في ذلك من إلف الإنسان للأشياء الخبيثة، وقد قال الله تعالى:{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ}[النور: ٢٦].
فالمهم أن ما نسمع عن بعض التالفين المترفين من اقتناء الكلاب تشبهًا بأعداء الله لا شك أنه ضلال وخطأ وسفه في العقل ونقص في الدين ودناءة في النفس، كأن هؤلاء القوم الذين سبقونا بالصنائع والقوة كأنهم ما سبقونا إلا لأنهم يقتنون الكلاب، وهذا لا شك أنه من ضعف الإنسان في الواقع، وأسمع أن بعض الكلاب هذه تساوي أموالًا كثيرة؛ يعني: يشترون إلى عشرة آلاف ريال الكلب الواحد.