للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول المؤلف: (ولا يرد جلد ميتة) يعني: لو غصب الإنسان جلد ميتة فإنه لا يجب عليه رده، لماذا؟ لأن جلد الميتة نجس؛ لدخوله في عموم الميتة، وقد قال الله عز وجل: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥]، فيكون داخلًا في عموم الميتة فلا يجب رده.

وقال بعض العلماء: يجب رده إذا دبغ، وقال بعض العلماء: يجب رده مطلقًا، وهذا القول الأخير هو الصواب؛ أنه يجب رد جلد الميتة إذا كان صاحبه قد تملكه، أما إذا كان قد رمى بالميتة وجاء شخص فسلخ جلدها وأخذه، فهذا لا يجب عليه رده؛ لأن رميها يدل على أن صاحبها لا يريده، لكن إذا كان صاحبها قد سلخ الجلد وأبقى عنده جلودًا من الميتات كثيرة بحيث يكون هذا الراعي -مثلًا- أو المالك كثر عنده الموت في ماشيته، فصار كلما ماتت شاة سلخها واحتفظ بجلدها، فهنا نقول: يجب عليه أن يرده، سواء كان ذلك قبل الدبغ أو بعد الدبغ.

فإذا قال قائل: كيف يرده وهو نجس؟

قلنا: نعم؛ لأن الله تعالى إنما حرم من الميتة أكلها؛ لقوله: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: ١٤٥]، ما قال: على مستعمل يستعمله، قال: {عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} فالمحرَّم ما هو بالجلد، استعمال الجلد المحرم الأكل.

ثانيًا: أن جلد الميتة يمكن الانتفاع به إذا دُبِغَ، كيف يدبغ؟ إذا دبغ فإنه يطهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بشاة يجرونها وهي ميتة، قال: «هَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا»، قالوا: إنها ميتة، قال: «يَطَهِّرُهُ الْمَاءُ وَالْقَرَظُ» (٦) يعني: الدباغ، وإذا طهر جلد الميتة بالدباغ صار صالحًا للاستعمال في كل شيء؛ في المائعات والجامدات، يمكن أن يجعل سقاء للماء أو للبن، ويمكن أن يجعل حذاء، ويمكن أن يجعل خفًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>