بالنسبة لجلد الميتة؛ إن كان قد دبغ فإن بيعه يجوز، وحينئذٍ يضمن متلفه بالقيمة أو بالمثل إن وُجِدَ له مثل؛ لأنه بعد الدبغ يكون طاهرًا، وإذا كان طاهرًا صار عينًا ينتفع بها في كل شيء، فيجوز بيعها، وحينئذٍ نقول: إذا أتلفه بعد الدبغ ضمنه بمثله إن أمكن، وإلا فبقيمته، أما إذا كان قبل الدبغ فإنه محل نظر، قد نقول بأنه يضمنه؛ لأنه إذا كان مما يمكن تطهيره فهو كالثوب النجس، والثوب النجس يجوز بيعه ولَّا لا؟ يجوز بيعه، وقد نقول: إنه لا يضمنه؛ لأنه إلى الآن لم يكن مما يباح استعماله، وصاحبه قد يدبغه وقد لا يدبغه.
فالمسألة هذه تحتاج إلى نظر وإلى تأمل، فإذا نظرنا إلى أن هذا عين يمكن تطهيرها قلنا: إنه يضمنه؛ كالثوب النجس إذا أتلفه فإنه يضمنه، وإذا نظرنا إلى أنه جزء من الميتة وأنه حتى الآن لم يصل إلى درجة الطهارة والإباحة قلنا: إنه لا يضمنه، فيرجع في هذا إلى نظر القاضي الذي يحكم في القضية.
قال:(وإن استولى على حُرٍّ لم يضمنه) إن استولى على حر فإنه لا يضمنه؛ مثل وَجَدَ صبيًّا يمشي في السوق أخذه وقال: تعال، أنا أبوك، أو أنا أخوك، اقعد عندي، وأغراه، صار مرة يخرج به للملاهي، ومرة يطلع يتمشى بالسيارة، ومرة يشتري له أشياء تفرحه حتى نسي أهله، هذا الصبي استولى عليه، بقي عنده سنوات أو سنين، يقول المؤلف: إنه لا يضمنه، لو مات هذا الصبي ما يضمنه، بل لو استولى على كبير، ويمكن يستولي على كبير ولَّا ما يمكن؟
طلبة: يمكن.
الشيخ: يمكن يستولي على كبير ولو غير مجنون، يصير عنده قوة يقول: ما يمكن تطلع من هذا البيت، يمكن يستولي عليه فإنه لا يضمنه لو مات، وإن استولى على عبد يضمنه إذا مات أو انكسر أو أتاه شيء من النقص.
قالوا: والفرق بينهما أن العبد مال يُمْلَك ويُبَاع ويُشْتَرى، فالاستيلاء عليه استيلاء حقيقي وحكمي، أليس كذلك؟