فإن قال مالك العصير: أنا لا أريده الآن، أنا أريد عصيرًا أصلًا، وأنت إذا أعطيتني درهمًا وهذا الكأس سوف أريق هذا الكأس، لا أريده؛ فأنا أطلب منك إما المثل أو قيمة المثل، فظاهر كلام المؤلف أنه لا يملك ذلك؛ لأن الغاصب يقول للمالك: هذا عين مالك، لم يكن مني إلا أنه نقص، فأنا أضمن النقص، كما لو غصبت بعيرًا وهزل فأنا أعطيك البعير وأضمن لك النقص، وكما لو غصبت ثوبًا فاتسخ أو انخرق، فأنا أعطيك الثوب وأضمن لك النقص، ليس عليّ أكثر من ذلك.
وقول المؤلف:(فإن انقلب خَلًّا دفعه) قال: (انقلب خَلًّا) ولم يقل: فإن قلب، وهل هناك فرق؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم هناك فرق؛ لأن الخمر إن تخلل بنفسه فهو حلال؛ لأن هذا بفعل الله وليس بفعلنا، وإن تخلل بفعلك فهو حرام؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن الخمر تُتَّخَذُ خلًّا، قال:«لَا»(٣)، ولأن الشارع أمر بإراقة الخمر، ولو كان يحل بالتخليل لأَمَرَ بتخليله؛ لأن تخليله إبقاء له، وإراقته إتلاف له، ولو كان يمكن أن تعود ماليته شرعًا لأرشد إليه الشارع، فلما لم يرشد إليه عُلِمَ أن التخليل حرام.
لكن لو خَلَّلَه من يعتقد حل التخليل من مسلم أو كافر فهل يَحِلّ؟
الصحيح أنه يحل؛ أنه لو خُلِّلَ مِن قِبَل مَن يرى حِلّ تخليله فالصحيح أنه حلال؛ لأن هذا انقلب خَلًّا على وجه مباح ولّا حرام؟
طلبة: مباح.
الشيخ: على وجه مباح، فصار مباحًا، وعلى هذا فالخل الوارد من بلاد الكفار الذين يعتقدون حل التخليل يكون حلالًا للمسلمين وإن كان مخلَّلًا بفعل آدمي؛ لأنه مُخَلَّل بفعل آدمي يعتقد تحليله.
طالب:( ... ).
الشيخ: أقول لك هكذا، سواء قال: إن كان لم يَمُرّ، فلا إشكال فيه، لكن إن كان قد مَرَّ فهذا حكمه.