للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى هذا فلو دار المغصوب بين عدة أناس فالتصرف كله باطل، ولكن القول الصحيح في هذه المسألة أن تصرفات الغاصب إن كانت لا تتعلق بآخر فهي باطلة، مثل الحج والطهارة والصلاة -على القول بأن التصرف في المغصوب بهذه الوجوه يعتبر باطلًا- والمسألة خلافية وسبقت.

وأما إذا كان يتعلق بشخص آخر فإن كان عالِمًا بالغصب فالتصرف باطل، وإن كان غير عالم فالتصرف صحيح، ولا يمكن استرداده من الثاني، لا سيما مع طول المدة، ولكن يضمن الغاصب على الوجه الذي يقتضيه الضمان؛ إما مثلي وإما متقوَّم، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

ولا يمكن العمل إلا بذلك؛ لأنه أحيانًا يغصب الإنسان الأرض ويبيعها، ثم يُعْمَر عليها ويتملكها الثاني والثالث والرابع، فلو قلنا بعدم الصحة لترتب على هذا مفاسد كثيرة، وأحيانًا يربح المشتري من الغاصب، وتكون أرباح طائلة، فكيف نضيِّع هذه الأرباح، مع أن الإنسان اللي تلقاها من الغاصب يمكن أنه عمل أعمالًا كثيرة فيها، والغاصب قد لا يمكن الرجوع إليه، وإن كان القرار على الغاصب إذا لم يَعْلَم الثاني.

فالمسألة في الحقيقة يترتب عليها مضار كثيرة، لهذا قال بعض العلماء: إنه إذا تصرف تصرفًا يتعلق بالغير الذي لا يعلم فالتصرف ماضٍ، ولكن على الغاصب الضمان، وهذا القول لا شك أنه أرجح من القول بالبطلان على كل حال.

ولو قال قائل بالتفصيل بأنه إذا سَهُل إبطالها أبطلناها وضَمَّنَّا الغاصب جميع ما يترتب على عمله بالنسبة للمنتقلة إليه، مثل لو كان الذي اشترى من الغاصب عمل فيها أعمالًا وخسر فيها فيُضَمَّن الغاصب ويرجع الملك إلى صاحبه، يعني لو قلنا بهذا بأن يُفَرَّق بين ما إذا شق إبطال التصرف وإذا لم يشق لكان هذا أيضًا قولًا لا بأس به، والله أعلم.

( ... ) والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

ما تقول في رجل غصب عصير عنب فصار خمرًا؟

طالب: عليه مثله.

الشيخ: عليه مثله عصيرًا ولّا خمرًا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>