للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ: صاحب، بأن يكون قد غصب شيئًا من إنسان ولا يدري مَن هذا الإنسان، وهذا يقع كثيرًا، كرجل غريب وجد معه المواطن شيئًا أعجبه فأخذه منه قهرًا، هذا غصبه أو لا؟

طلبة: نعم.

الشيخ: ذهب الغريب إلى بلده، ولا يعرف بلده ولا مَن هو، ثم إن هذا الغاصب مَنَّ الله عليه بالتوبة وتاب، وقال إنه قد تاب، ويريد أن يُنْقَذ من هذا الغصب، ولكنه لا يعرف صاحبه، فماذا نقول؟ يقول المؤلف: (تصدق به عنه)، (تصدق به) أي: بالمغصوب، (عنه) أي: عن ربه اللي هو المالك.

فإذا قال قائل: كيف يتصدق به عنه وهو مجهول؟ نقول: هو مجهول للمتصدِّق معلوم عند الله سبحانه وتعالى، فالله عز وجل يعلمه، وسيُعْطَي أجر هذه الصدقة لِمَن؟

طلبة: لصاحبها.

الشيخ: لصاحب المال، فهو مجهول لك معلوم لله عز وجل، وسيوصل هذا إلى صاحبه.

وقول المؤلف: (مضمونًا) يعني أنه لا يبرأ منه البراءة الكاملة بحيث لو جاء صاحبه أو عرفه يومًا من الدهر فإنه يضمنه له ما لم يُجِز تصرفاته.

مثال ذلك: بعد أن تصدق هذا الرجل بهذا المغصوب لجهالة مالكه وجد مالكَه، نقول: الآن قل للمالك: إنك تصدقت بالمغصوب عنه، فإن أمضاه برئت منه، والأجر لِمَن؟

طالب: للمالك.

الشيخ: للمالك، وإن قال: لا أوافق أعطني مالي، وجب عليه أن يسلِّم له المال؛ مثله إن كان مِثْلِيًّا، وقيمته إن كان متقوَّمًا، والأجر لِمَن؟

طلبة: للغاصب.

الشيخ: يكون أجر الصدقة للغاصب، وهذا يُعْطَى عوض ماله؛ مثله إن كان مِثْلِيًّا، وقيمته إن كان متقوَّمًا، ولهذا قال المؤلف: (تصدق به عنه مضمونًا)، هذا الحكم ينسحب على كل مال جهل الإنسان مالكه، كل مال جهلت مالكه فإنك تتصدق به عنه مضمونًا يكون أجره لصاحبه، وإذا جاء خَيِّرْهُ، قل: أنا تصدقت به، إن شئت أمضيت الصدقة والأجر لك، وإن شئت ضمنت لك مالك، والأجر لِمَن؟ والأجر لي.

<<  <  ج: ص:  >  >>