مثال ذلك: أنا أخذت كتاب غانم وبعته بدون إذنه، هذا التصرف فضولي، يعني بغير وكالة وبغير إذن، لكن كانت البيعة طيبة، بعته وهو يساوي عشرة باثني عشرة، وجاب الثمن للأخ غانم، وقال: قد أَجَزْت البيع، يصح ولّا ما يصح؟
طلبة: على المذهب لا يصح.
الشيخ: على المذهب لا يصح ولو أجاز؛ لأنني تصرفت حين تصرفت وأنا لا أملك التصرف، والقول الثاني؟
طالب: الجواز.
الشيخ: أنه يصح، إذا أجازه صح البيع، وله ( ... )، هذه المسألة فيما إذا جهل مالكه، قلنا: إنه يتصدق به ويُخَيِّر مالكَه إذا وجده، أليس هذا إجازة للتَّصَرُّف الفضولي؟
طالب: نعم.
الشيخ: الجواب: نعم، لكن يقولون: إن هذا قد دعت الحاجة والضرورة إليه، وإذا دعت الحاجة والضرورة إليه فهو جائز للضرورة، كما قلنا في مال المفقود، مال المفقود اللي راح ولا ندري، ما عنه خبر، أليس يورَث ويُوَزَّع؟ يورَث ويُوَزَّع لدعاء الحاجة إلى ذلك.
وعلى هذا فنقول: إذا دعت الحاجة إلى ذلك ابتداءً أو دوامًا فإنه يصح -التصرف الفضولي-، وإذا لم تَدْعُ لم يصح.
والصحيح أنه يصح مطلقًا، ويدل على ذلك حديث عروة بن الجعد رضى الله عنه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارًا يشتري به أضحية، فاشترى أضحيتين بدينار واحد، ثم باع واحدة بدينار، فجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه دينار وأضحية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي بَيْعِكَ»(٥)، فكان لا يشتري شيئًا ولو ترابًا إلا ربح فيه.
المهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أجاز تصرفه، ولو كان تصرف الفضولي ممنوعًا مطلقًا لنهاه الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يُقِرُّه على باطل، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ولأن الحق حق آدمي ولَّا حق لله؟
طلبة: حق آدمي.
الشيخ: حق آدمي، فإذا أجازه الآدمي فالحق له، لماذا لا يَنْفُذ؟