للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صاحب المال الْمُتْلَف، وهذا الذي ذكره المؤلف باختصاص انتِفاء الضمان بالزرع هو الذي دل عليه الحديث، لكن المذهب عند الأصحاب أنه لا فرْق بين الزرع وغيره، وذلك عائد إلى تفريط صاحب البهيمة، فإن إطلاقها في الليل يُعتبر تفريطًا منه، فإذا كان مدار الضمان أو مناط الحكم على تفريط صاحب البهيمة لم يكن هناك فرْق بين الزرع وغيره.

إذن مبنى الخلاف على أنه هل مناط الحكم تفريط صاحب البهيمة أو تفريط صاحب المال المتلَف؟

إن قلنا: إن مناط الحكم تفريط صاحب المال الْمُتلَف فإننا نُفرِّق بين الزرْع وغيره، ونقول: جرت العادة أن غير الزروع تكون وراء الأبواب، وتُحفظ في المساكن بخلاف الزروع فإنها على البر، وإذا قلنا: إن مناط الحكم هو تفريط صاحب البهيمة قلنا: لا فرق بين الزرع وغيره؛ لأن صاحب البهيمة الذي وُجِّه إليه الضمان هو الْمُفرِّط، وهذا أقرب من القول بأن مناط الحكم تفريط صاحب المال المتلف.

ولو قال قائل: إن مناط الحكم تفريط الطرفين، لو قال قائل بذلك لم يكن بعيدًا، لكن الأقرب أن مناط الحكم تفريط صاحب البهيمة، فنقول: متى فرط صاحب البهيمة بحفظها فأتلفت شيئًا فالضمان عليه؛ لأنه مأمور بحفظها وكفِّ شرها، فإذا لم يفعل ضمن.

وقول المؤلف رحمه الله: (ضمنه صاحبها) ظاهر كلامه أنه سواء فرَّط في حفظها وقيدها أم لم يفرط، أليس كذلك؟

لأنه قال: (ضمنه صاحبها) ولا قال: إن فرط، ولكن المذهب أنه لا يضمن إلا أن يُفرِّط، فلو لم يفرط وقيدها، أو ربطها، أو جعلها من وراء حائط في حوش، ولكن اعتدت هي فقطَّعت القيد أو قطعت الرباط، وذهبت وأكلت من الزرع، فعلى كلام المؤلف على ظاهره يضمن أو لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>