طيب إذا كانت بيد قائد فهو مثله أو أوْلى؛ لأن القائد يقودها من أمامها، فإذا كان يقودها فأكلت شيئًا، أو وطئت شيئًا فعليه الضمان، كذلك إذا كانت بيد سائق، السائق الذي يسوقها؛ لأن الذي يسوقها يُوجِّهها كما شاء، ولكن توجيه القائد أبلغ من توجيه السائق، أليس كذلك؟
طلبة: بلى.
الشيخ: إذن يضمن جنايتها بالمقدم، أما بالمؤخَّر فلا يضمن، كيف المؤخَّر؟ مثل لو وطئت شيئًا برجلها، أو نسفت شيئًا بذيلها، أو ما أشبه ذلك فلا ضمان عليه.
ووجه التفريق أنه يمكنه أن يتصرف فيها بالنسبة للمقدَّم لا بالنسبة للمؤخر، ومِنْ ثَمَّ لو جمحت الدابة، ونفرت، وعجز عن التصرف فيها فأتلفت شيئًا فلا ضمان عليه؛ لأنها خرجت عن تصرفه.
فإذا قُدِّر أن راكبًا على بعير مَرَّ بشخص، فقام هذا الشخص يضرب على دُفٍّ، أو على كنكة، فجفلت البعير، جفلت وهربت، وعجز صاحبها عن التصرف فيها، فأتلفت شيئًا في حال الجماح، فلا ضمان على صاحبها؛ لأنه غير قادر على التصرف فيها، لكن الضمان على مَنْ؟ على المتسبب الذي ضرب بالدُّف أو بالكنكة أو ما أشبه ذلك، وهذا بناءً على القاعدة المعروفة أنه إذا اجتمع مباشر ومُتسبِّب؛ فالضمان على المباشر إلا إذا تعذر إحالة الضمان على المباشر فإنه يُحال على المتسبِّب.
ثم قال:(وباقي جنايتها هَدَر) باقي جناية البهيمة هدَر، فصارت جناية البهيمة على ثلاثة أنواع؛ الأول: ما أتلفت من الزروع أو غيرها على المذهب في الليل، فكيف الحكم؟
إذا أتلفت شيئًا في الليل، فعلى صاحبها الضمان؛ إما مطلقًا أو إن فرَّط، لكن المذهب: إن فرط، كما أن المذهب العموم فيما أتلفت، والمؤلف خصه بالزرع.
ثانيًا: ما أتلفت في النهار وليست يد صاحبها عليها، فلا ضمان فيه؛ لأن المفرط أصحاب الأموال، هذا قسم.
القسم الثاني: أن تكون البهيمة تحت يد مُتصرِّف كالقائد والراكب والسائق، فما الحكم في ضمان ما أتلفت؟