التفصيل؛ ما أتلفت بمقدمها فالضمان على هذا المتصرف فيها، وما أتلفت من مؤخرها فلا ضمان فيه، ويشترط لهذا القسم أن يكون المتصرف فيها قادرًا، فإن جمحت ونفرت وعجز فليس عليه ضمان.
القسم الثالث -ما عدا هذين القسمين-: فلا ضمان فيه، ولهذا قال المؤلف:(وباقي جنايتها هدَر)، فما أتلفت من غير الزروع على كلام المؤلف فهو هدَر لا ضمان فيه؛ لأنه خص مسألة الليل والنهار في الزرع.
المهم أن كل ما أتلفت من غير القسمين الأوَّلين فهو هدَر؛ الدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم:«الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ»(٥). أي هدَر؛ ولأنه لا يمكن إحالة الضمان عليها؛ لأنها بهيمة ولا يمكن إحالة الضمان على مالكها؛ لأنه لم يُفرِّط ولم يتعدَّ، فصار عندنا في انتفاء الضمان في داخل جنايتها دليل وتعليل؛ الدليل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ».
والتعليل أنه لا يمكن إحالة الضمان عليها؛ لأنها بهيمة، ولا على صاحبها؛ لأنه لم يحصل منه تعدٍّ ولا تفريط.
قال المؤلف:(فقتل الصائل عليه)؛ يعني أنه لا ضمانَ فيه، وكلمة (الصائل) تشمل الصائل من بني آدم، والصائل من البهائم فإنه لا ضمان على قاتله.
وقول المؤلف:(الصائل عليه) يعني على نفسه للقتل، أو على نفسه لفعل الفاحشة به، أو على نفسه لأخذ ماله، أو على نفسه لانتهاك حُرْمة أهله، أو ما أشبه ذلك.
المهم كل من صال على الإنسان لانتهاك حُرمته أو حُرمة ماله، فإذا قتله فإنه لا ضمان عليه، ولكن لاحظ أن قول المؤلف:(كقتل الصائل عليه) لا بد فيه من قيد، ما هو القيد؟ ألَّا يمكن دفع صوله إلا بالقتل، فإن كان يمكن دفع صوله بما دون القتل فقتله فعليه الضمان، فإذا صال شخص على إنسان ليقتله وأمكن أن يدفعه بقوله: انتهِ عن ذلك وإلا قتلتك، فإنه لا يحل أن يقتله.