كذلك أيضًا لو أمكن دفعه بالضرب دون القتل لم يكن له أن يقتله؛ لأن دفع الصائل من باب دفع الضرورة، والضرورة تتقدر بقدرها، فإذا أمكن دفعه بما دون القتل وجب، وإن لم يمكن إلا بالقتل فله قتله.
ولكن هنا مسألة لو أن أولياء الصائل المقتول ادعوا على القاتل القتل، فقال: نعم، أنا قتلته، لكن لأنه صال عليَّ، ولم أتمكَّن من دفعه بدون القتل، فكيف يكون القضاء؟
القضاء على القاتل، يعني أن القاضي سيقول للقاتل: ائتِ ببينة على أنه قد صال عليك، وأنه لا يمكن دفعه إلا بذلك، وإلا قتلناك. هذا هو المشهور من المذهب.
ولكن الصحيح ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو أنه يُقبل قول من قال: إنه قد صال عليَّ إذا كان المقتول معروفًا بالشر والفساد، وكان المدعي معروفًا بالصلاح، فلو أن شخصًا معروفًا بالصلاح ادَّعَى على هذا المقتول المعروف بالشر والفساد أنه صالَ عليه فإنه لا يمكن أن يُقتل؛ لأن القرينة ظاهرة في صِدْق مَنْ؟
في صِدْق القاتل ظاهرة جدًّا، قد تكون هذه القرينة أقوى من البينة، إنسان معروف بالشر والفساد، وانتهاك الأعراض، وأخذ الأموال، وهذا معروف بالصلاح، وأنه لا يمكن أن يدعي إتلاف نفس بلا حقيقة، فالصحيح ما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله أنه لا يُقتل؛ لأن معه قرينة ظاهرة تدل على صدق الدعوة. ( ... ).
***
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
سبق لنا أن جناية البهيمة، هل هي مضمونة أو لا؟ وقلنا: إن ذلك له ثلاث حالات: