للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ: الدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاءني رجل يريد أن يقتلني، أو يريد أن يأخذ مالي، قال: «قَاتِلْهْ». قال: أرأيتَ إن قتلَني؟ قال: «فَأَنْتَ شَهِيدٌ». قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: «هُوَ فِي النَّارِ» (٦) فقوله: «هُوَ فِي النَّارِ» يدل على أنه معتدٍ ظالم، والمعتدي الظالم ليس فيه ضمان، فهذا دليل.

فإذا قال قائل: قد ورد فيمن وجد شخصًا على امرأته فقتله أنه لا ضمان فيه، وإن كان يمكن أن يندفع بما دون القتل، وأنتم تقولون: إن الصائل لا يجوز أن يقتل إذا كان يمكن دفعه بدون القتل؟

فالجواب على ذلك: أن قتْل من وجد شخصًا على امرأته، أو على محرمه ليس من باب دفْع الصائل، ولكنه من باب عقوبة المعتدي، والعدوان حصل منه ولَّا لا؟

طلبة: لا.

الشيخ: لا، حصل منه، فهو يُقتل لعدوانه لا لدفع عدوانه، ففرق بين هذا وهذا، ونظير ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدَرَ عين من نظر من خصاص الباب، فقام إنسان ففقأ عينه بدون أن يُحذِّره (٧).

يعني لو أن أحدًا وقف عند الباب، وجعل يطالع، والباب مُغلق، يُطالع من شق في الباب فلك أن تفقأ عينه، أو تقول له: يا فلان، وخِّر، أبعد؟ لا، تفقأ عينه مباشرة، وأيضًا تختله؛ لأنك لو كنت تمشي على العادة لأحس بذلك وهرب، لكن تمشي على هونك وتأخد معاك عصا دقيق الرأس وتفقأ عينه، هل هذا من باب دفع الصائل؟ لا، من باب عقوبة المعتدي؛ لأن الآن حصل العدوان، فكيف يُقال: إن هذا من باب المدافعة؟ المدافعة عن شيء لم يقع، أما شيء وقع فليس فيه إلا عقوبة.

(الصائل عليه) من آدمي، أو بهيمة لا ضمان، لكنا أوردنا إشكالًا، وهو أنه إذا أنكر الصيالة، فقال أولياء المقتول: إن صاحبنا لم يصل. وقال صاحب الدابة التي قُتلت دفعًا للصول: إنها لم تصله، فماذا يكون الحكم؟

ذكرنا أن المذهب أنه لا بد من بينة تثبت أنه صائل، فإن لم يأتِ ببينة فإن قتله مضمون؛ يعني فهو ضامِن.

<<  <  ج: ص:  >  >>