ثم قال المؤلف:(الذي استقر عليه العقد) ولم يقل الذي وقع به العقد، أو عليه العقد؛ إذ إن بين العبارتين فرقًا، فإن قوله:(الذي استقر عليه العقد) ليس هو الذي وقع عليه العقد، قد يبيع الشريك نصيبه من هذه الأرض بعشرة آلاف، ثم يظهر في الأرض عيْب، فيُؤخذ الأرش، وتُنزَّل القيمة إلى ثمانية آلاف ريال، فالعقد وقع بكم؟ بعشرة، ولكن استقر على ثمانية، ولهذا قال:(بثمنه الذي استقر عليه العقد)، ولم يقل الذي وقع عليه العقد.
فإذا كان زيد وعمرو شريكين في الأرض، وباع عمرو نصيبه على خالد بعشرة آلاف ريال، ثم ظهر في الأرض عيب، فطالَب خالد عمرًا فنزَّل له لقاء العيب ألفي ريال، بقي الثمن الذي استقر عليه العقد ثمانية آلاف ريال، فيأخذه زيد بثمانية آلاف ريال، والله أعلم ( ... ).
***
سبق لنا أن الشفعة لغةً؟
طالب:( ... ).
الشيخ: أي جعل الواحد اثنين، كذا؟ ومنه الشفاعة أن يتوسط لك شخص ( ... ).
إذن الدليل على ثبوت الشفعة هو حديث جابر: قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يُقْسَم (١٢). وهذا القضاء قضاء حكم وتشريع، وذلك أن قضاء الرسول صلى الله عليه وسلم بالشيء قد يكون قضاء حكم وتشريع عام للأمة، وقد يكون قضاء مصلحة تتقيد بزمنها، مثال الأول هذا الحديث الذي معنا، مثال الثاني أن الرسول صلى الله عليه وسلم قضى بالسلَب للقاتل (١٣) في باب الجهاد.
السَّلَب ما على المقتول الكافر من الثياب ونحوها، فهل قضاؤه بالسَّلَب للقاتل قضاء عين ومصلحة أو قضاء حكم وتشريع؟
إن قلنا بالأول صار الأمر بالقضاء للسلب للقاتل راجعًا إلى الإمام أو قائد الجند، وإن قلنا بالثاني -أنه قضاء حكم وتشريع- صار السَّلَب للقاتل بكل حال، سواء جعله له القائد أم لم يجعله.
لكن الشُّفعة هي ليست قضاء مصلحة موقتة بوقتها إنما هو قضاء حكم وتشريع عام في كُلِّ ما لم يُقْسَم من كل مشترك، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ (١٢).