والمثال كما مثَّلنا به سابقًا يكون زيد وعمرو مشتركين في أرض، فيبيع عمرو نصيبه منها على خالد، فيأتي زيد إلى خالد ويقول: شفَّعْت عليكَ، فيأخذ منه -أي من خالد- النصيب الذي اشتراه، ويعطيه أيش؟ يعطي زيد خالدًا الثمن الذي استقر عليه الآخر، فإن عارض خالد وقال: ما يكن تأخذه، أنا اشتريته شراءً شرعيًّا صحيحًا وعارَضَ؛ فإنه يُؤخذ منه قهرًا بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإذا قال قائل: كيف يؤخذ منه قهرًا؟ وهل هذا إلا من أكل المال بالباطل؟
فيقال: معاذ الله أن يكون من أكل المال بالباطل؛ لأن أكل المال بالباطل أن يأخذه الإنسان بغير حق، وهذا أخذه بحق، جعله الشارع له.
فإذا قال قائل: إذن ما وجه كون الشارع سلَّط الشريك على هذا المشتري حتى ينتزع منه ملكه قهرًا؟
فيقال: لما في ذلك من المصلحة وعدم المضرة على المشتري؛ فالمشتري ليس عليه ضرر؛ لأن ثمنه الذي دفع سوف يُدفع إليه، وليُقدِّر نفسه أنه لم يشترِ، وأما انتفاء الضرر الذي يحصل بالشفعة، فلأن هذا الشريك الجديد قد يكون شريكًا سيء الشركة متعِبًا لشريكه، يُحوجه إلى النزاع والخصومة دائمًا، فجعل الشارع للشريك الحق في أن يدفع ما يُخشى من ضرره بماذا؟ بالشُّفْعة، وهذا وارد ولَّا غير وارد؟
وارد، كم من إنسان يأتيه شريك جديد يُتعبه، بينما شريكه الأول رجل ماشٍ معه على ما فيه المصلحة، فيأتي الشريك الجديد ويعارضه في كل ما فيه المصلحة، إذا كان المشترَك حائطًا بستانًا، ونضب الماء، فقال الشريك الأول لهذا الجديد: لنحفر البئر، قال: لا، لا تحفر البئر، يكفي هذا الماء، وزِّعه بالتقسيط على الأرض، فتموت الأرض، أو يحصل بينهما نزاع ومرافعة وتعب، فمن أجل دفْع هذا النزاع والخصومة سلَّط الشارع هذا الشريك على مَنْ؟
طالب:( ... ).
الشيخ: لا، ما هو على شريكه، على المشترِي أن يأخذ منه نصيب شريكه.