فإذا قال قائل: إذا كانت هذه العِلَّة وقُدِّر أن الشريك باع على رجل أحسن منه شركة، وأسهل انقيادًا، فهل تسقطون الشفعة؟
الجواب: لا، لا نسقطها؛ لأن ما ثبت بِعلََّة خفية فإنه يثبت ولو لم تتحقق العِلَّة.
ولهذا انظر مثلًا السفر، لماذا جعلت الصلاة ركعتين؟ من أجل المشقة غالبًا، فإذا كان السفر ليس فيه مشقة، هل ينتفي الحكم؟ لا، يفطر الإنسان في رمضان، ويصلي ركعتين، وإن لم يكن مشقة إطلاقًا.
هذا نقول: يثبت الحكم، وإن لم يحصل أذية من الشريك الجديد؛ وذلك لأن العلة إذا كانت منتشرة خفية، فإنه يثبت حكمها سواء تحققت أم لم تتحقق؛ لأن الناس ليس عليهم علامات بأن يكون هذا الرجل حسن الشركة والآخر سيء الشركة.
قال المؤلف رحمه الله:(فإن انتقل بغير عِوض) إن انتقل النصيب، بيقول:(فإن انتقل) ومُقتضى السياق أن يقول: فإن انتقلت، لماذا؟ لأنه قال:(انتزاع حصة شريكه)(حصة)، لكنه أعاد الضمير على المعنى؛ لأن (حصة) بمعنى نصيب، فأعاد الضمير على حصة باعتبار معناها لا لفظها.
(فإن انتقل بغير عِوض)(فلا شفعة) مثل: الإرث، مات شريكه فانتقل المال إلى ابنه الذي هو وارثه، فهل يأخذه بالشفعة؟ لا؛ لأنه انتقل بغير عِوض.
مثال آخر في الهبة: وهب الشريك نصيبه لشخص، فهل للشريك أن يأخذه بالشفعة؟ الجواب: لا، لا يأخذه بالشفعة؛ لأنه انتقل بغير عِوض.
هل يجوز للشريك أن يُظهِر أنه قد وهبه وهو قد باعه؟ لا؛ لأن هذا من باب التحيل على إسقاطها، وسيأتينا في كلام المؤلف أنه يحرم التحيل لإسقاطها.