مرة ثانية أعيد المثال: زيدٌ وعمرو شريكان في أرض، فباع عمرو نصيبه من هذه الأرض على بكر، فقال زيد -الذي هو الشريك-: أنا آخذٌ بالشفعة، فذهب إلى المشتري ليأخذ الشِّقْصَ منه، فقال المشتري: أنا لم أشترِ. ولم يكن عند البائع -الذي هو عمرو- لم يكن عنده بينة بالبيع، فهل يُلزم المشتري بأنه مشتر؟ لا، إذا أنكر ولم يثبت ذلك ببينة، فلا وجه للشريك على بكر، لا وجه له عليه، ولكن الآن يتجه إلى من؟ يتجه إلى شريكه البائع، فيقول: أنت الآن أقررتَ بالبيع، ومِن لازِم إقرارك بالبيع إقرارك بالشفعة لي؛ لأن ثبوت الشفعة فرعٌ عن ثبوت البيع، وقد أقررتَ به، إذن أنا آخذ نصيبك بالشفعة. فقال عمرو لزيد: كيف تأخذه بالشفعة ولم يثبت البيع؟ فما جواب زيد له: ثَبَت بإقرارك، والإنسان مؤاخَذ بإقراره بالحقوق، حينئذ يكون الملك كله لمن؟ لزيد، ويعطي البائع القيمة التي أقرَّ بها.
ثم قال المؤلف:(وعُهْدة الشفيع على المشتري، وعهدة المشتري على البائع). ويش معنى العهدة؟ أصل العهدة ما يتعهد به الإنسان لغيره، والمراد بها ما يترتب على العقد؛ وذلك لأن المتعاقدين كل منهما قد عهد للآخر بما يقتضيه ذلك العقد، فعهدة الشفيع على المشتري؛ لأنه تلقى الملك منه، وعهدة المشتري على البائع؛ لأنه تلقى الملك منه.
مثال ذلك: زيدٌ وعمرو شريكان في أرض فباع عمرو نصيبه على بكر، فأخذ زيدٌ النصيب من بكر بالشفعة، وجه زيد على من؟ على بكر؛ يعني لو خرج في المبيع عيب، فجاء زيدٌ إلى بكر وقال: والله، المبيع فيه عيب، قال: طيب، أنا ما لي عليه، أنا شاري من شريكي، وجهك على شريكي، راح له، ماذا يقول زيد؟
يقول: أنا اشتريته منك، وما لي ولشريكك، فأنا أطالبك أنت. الحق مع مَنْ؟