للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه بنوك يقولون: إنها قد وضعت صناديق للإيداع؛ بمعنى أنك تعطيهم الدراهم بربطتها، ويضعونها في هذا الصندوق ولا يأخذون منها ولا قرشًا، هذا الصحيح، هذا وديعة، أما المعتاد عندنا في بلدنا فإنه يعتبر قرضًا، ولهذا نقول: لو كانت هذه البنوك لا تتعامل إلا بالربا مئة بالمئة، لكان وضع الدراهم فيها حرامًا؛ لأنه إعانة لهم على الربا، لكن يقولون: إن البنوك هذه تتعامل بالربا وبأكثر معاملاتها، وتتعامل أيضًا بغيره؛ في منشآت تنشئها، تستغلها، في أخذ مقاولات، في متاجرات؛ فلهذا يكون مالها مخلوطًا بين الحرام وبين الحلال، وهذا هو الذي يخفف من الإفتاء بجواز وضع الدراهم فيها، وإلا لقلنا: لا يجوز أن تضع الدراهم فيها ولو أن تحرقها، ما يجوز تضع فيها؛ لأن الربا أمره عظيم، الربا محاربة لله ورسوله، كما قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: ٢٧٨، ٢٧٩]، ولا أعظم من الإيذان بحرب من الله ورسوله -نسأل الله العافية- أنت لو أخذت عَلَمًا لتحارب قبيلة هم أعلى منك، لعُد ذلك أيش؟ سفهًا، فكيف وأنت تحارب رب العالمين عز وجل وتحارب رسوله، بل وتحارب المؤمنين جميعًا؛ لأننا نرى أن من كان حربًا لله ورسوله فهو حربٌ لنا، ولا نرضى أن يحارِب الله ورسوله دون أن نكون تحت راية الله ورسوله، أبدًا.

فالحاصل أني أقول: إن الإيداع هو التوكيل في حفظ المال، لا إعطاء المال لمن يستعمله، فإن إعطاء المال لمن يستعمله قرضٌ إن كان نقودًا، وعارية إن كان غير منقود.

<<  <  ج: ص:  >  >>