للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المهم أن كل من قبض مال غيره بإذن منه أو من الشارع فإنه أمين، يده يد أمانة، والقاعدة في الأمين أنه لا يضمن ما تلف تحت يده إلا بتعدٍّ أو تفريط. هذه القاعدة، القاعدة أنه لا يضمن ما تلف بيده إلا بتعدٍّ أو تفريط.

نرجع إلى الوديع؛ المودَع: هل يده يد أمانة؟ وهل هو أمين؟ الجواب: نعم؛ لأن المال حصل عنده بماذا؟ بإذْن من مالكه؛ إذَن فهو أمين، ولهذا يسميه العامة الآن، يسمي الوديعة ( ... ) أن الأمين إذا تلف المال تحت يده بلا تعدٍّ ولا تفريط فلا ضمان عليه.

كلام المؤلف طبِّقْه على القاعدة: (إذا تلفت من بين ماله)، قوله: من بين ماله؛ يعني: لا مع ماله؛ لأنها إذا تلفت مع ماله فإنه لا يضمن قولًا واحدًا؛ لأن تَلَفَها مع ماله يدل على أنه لم يفرِّطْ؛ إذ إن الإنسان يحفظ ماله بما يحفظه، أو بما يكون فيه حفظ له، فإذا تلفت مع ماله فلا ضمان عليه قطعًا وقولًا واحدًا.

مثال ذلك: إنسان أَوْدَعَني إناءً، ثم إني وضعت هذا الإناء مع الأواني التي عندي، وليكن إبريقًا مثلًا، وضعته مع الأباريق التي عندي، فسُرِقَ هذا الإبريق، سُرِقَ، فجاءني صاحبه يطلبه، فقلت: إنه قد سرق، فهل عليَّ ضمان، وأنا قد أحرزته، وضعته في حرز؟ ليس عليَّ ضمان، لكن إذا قال صاحبه: كيف يُسْرَق من بين الأباريق التي عندك؟ ما يمكن هذا، أنت كذاب، لماذا لا يختار السارق إلا إبريقي؟ يقول المودَع: والله ما أعرف هذا اللي حصل، إبريقك تلف.

وقال بعض العلماء: إذا تلفت من بين ماله فعليه الضمان؛ لأن تلفها من بين ماله دليل على تفريطه وإهماله فيها، ولكن الصواب ما قاله المؤلف.

إذن (من بين ماله) معناها من دون ماله؛ لأنها إذا تلفت مع ماله فالأمر واضح.

وقوله: (ولم يتعدَّ ولم يفرط)؛ أي لم يتعد فيها ولم يفرِّط في حفظها، فما الفرق بين التعدي والتفريط؟

التعدي فعل ما لا يجوز، والتفريط ترك ما يجب، انتبه، التعدي فعل ما لا يجوز، والتفريط ترك ما يجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>