للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا قال: اتركها في كمك، خذ هذه الدراهم وديعة، واربطها في كمك، فوضعها في جيبه؛ فلا ضمان، لماذا؟ لأن الجيب أحرز.

وخلاصة الأمر الآن أن المسألة لها ثلاث حالات: أن يعيِّن صاحبها حرزًا أحفظ، أن يعيِّن صاحبها حرزًا أقل، أن يسكت، ثلاث حالات.

إذا عَيَّن حرزًا أحفظ تَعيَّن، فإذا حفظها بدونه، ولو كان حرزَ مِثلها ضمن، إذا عين حرزًا أقلَّ حفظًا، وحفظها بما هو أحرز فإنه لا يضمن؛ لأنه زاد صاحبها خيرًا. إذا سكت فالواجب حفظها في حرز مثلها، ولا يتعين في شيء معين.

قال المؤلف: (وعكسه بعكسه، وإن دفعها إلى مَنْ يحفظ مالَه، أو مالَ ربِّها، لم يضمن)، إن دفعها: أي المودَع، إلى من يحفظ ماله في العادة، فلا ضمان عليه؛ لأنه لا يُعَدُّ متعدِّيًا ولا مفرطًا، مثال ذلك: رجل أُودع وديعة وكان له خادم يضع دراهمه عنده، والخادم أمين، فأعطى هذه الوديعة الخادم، قال: خذ هذه احفظها عندك في الصندوق. حرزت ثم تلفت؛ سُرِقَت من الصندوق، فهل على المودع أي ضمان؟ لا، ليس عليه ضمان، لماذا؟ لأنه لم يتعدَّ ولم يفرط، بل أعطاها من يحفظ ماله عادة، فلا يُعَدُّ مفرطًا ولا متعديًا.

أُودع إناء، أتعرف الإناء؟ الإناء هو الإناء؛ الماعون.

أُودع إناءً فأخذه الرجل وأعطاه امرأته، امرأته هي التي تحفظ عادةً أواني البيت، فوضعته المرأة مع أوانيهم في مكان حرزها، ثم تلف، سُرقت، فهل عليه ضمان؟ ليس عليه ضمان، فإذا قال رب الدراهم في المسألة الأولى ورب الإناء في المسألة الثانية: أنا إنما أودعتك أنت، ليش تعطيها غيرك؟ فماذا جوابه؟ يقول: نعم، أنا أعطيتها هذا؛ لأنه يحفظ مالي، فهو بمنزلتي، هو كالوكيل لي تمامًا، وهذا هو ما جرت به العادة، ويدفع حجةَ صاحبها بهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>