للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول المؤلف: (عكسه الأجنبي والحاكم) ما معنى هذه العبارة؟ ( ... ) (الأجنبي والحاكم) يعني: عكس هذه المسألة إذا دفعها المودع إلى أجنبي فإنه يضمن.

مثال ذلك: رجل أودع زيدًا دراهم، ثم ذهب زيدٌ لحاجة؛ ليصلى في المسجد أو ما أشبه ذلك فقال: يا فلان، خذ هذه الوديعة عندك حتى أرجع من الصلاة -وهو أجنبي-، فتلفت عنده، فعليه أيش؟ عليه الضمان؛ لأنه لم يؤذن له لفظًا ولا عرفًا بأن يدفعها إلى هذا الرجل.

(الحاكم) يعني: القاضي، لو دفعها المودع إلى القاضي بدون سبب فعليه الضمان؛ لأن صاحبها لم يأذن له نطقًا ولا عرفًا بدفعها إلى الحاكم.

هل هذا الضمان من باب ضمان التعدي أو من باب ضمان التفريط؟

طلبة: من باب التعدي.

الشيخ: من باب ضمان التعدي؛ لأنه ليس من حقه أن يعطي الوديعة إلى غيره.

قال: (ولا يُطَالَبَان إن جهلا) (لا يُطَالَبَان) أي: الأجنبي والحاكم، (إن جهلا) أي: جهلا أن هذه وديعة، فإن علما فإنهما يُطَالَبَان.

من الذي يطالبهما إذا قلنا بأنهما يُطَالَبَان؟

الذي يطالبهما المودع، فإذا جاء صاحب الوديعة إلى المودع وقال له: إنني أودعتها فلانًا فضاعت، فهل يُطَالِبُ المودع الأول أو الثاني؟

يقول المؤلف: فيه تفصيل، نحن ذكرنا أمس أنه يطالب أيهما شاء، لكن المؤلف هنا ذكر أن في ذلك تفصيلًا؛ إن كان المودع الثاني قد جهل أنها وديعة عند الذي أودعه فإنه لا يُطَالَب، إلا أن يتعدى أو يفرط.

لماذا لا يُطَالَب؟ لأنه يقول: أنا ما علمت أن هذا الرجل مودع، أنا ظننت أن هذا المال ماله؛ لأن الأصل أن ما بيد الإنسان فهو ماله، فليس لك عليَّ وجه، وأنا تلفت عندي الوديعة بدون تعدٍّ ولا تفريط. هذا ما ذهب إليه المؤلف.

ووجه ما ذكرت أنه يقول: رجل بالغ عاقل متصرف أعطاني هذه الوديعة فأنا ظننت أنها له، وأنا معذور ومحسنٌ، وما على المحسنين من سبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>