أما المذهب فيقولون: إن له أن يطالب الأجنبي وإن كان جاهلًا، لماذا؟ قالوا: لأن ماله تلف تحت يده، ثم إذا طالبه صاحب الوديعة وضمَّنه يرجع هذا على الأول؛ على المودع الأول؛ يعني: يكون قرار الضمان على المودع الأول، فهمتم ولَّا لا؟ يحتاج إلى مثال ولَّا ما يحتاج؟
زيدٌ أودع عمرًا مئة ريال، ثم إن عمرًا أودع بكرًا هذه المئة، وبكرٌ لا يدري أنها لزيدٍ، ظن أنها لمن؟ لعمرٍو، فأخذها، ثم تلفت الوديعة بدون تعدٍّ ولا تفريط، عند من تلفت؟ عند بكرٍ، فجاء زيدٌ يطالب بكرًا، قال: إن الوديعة التي أعطاك عمرو هي لي، وأنا لم آذن له، أعطني إياها، فقال له بكر: أنا ما علمت أنها لك، أنا ظننت أنها له، فأخذتها من باب الإحسان إليه، وتلفت الوديعة عندي بدون تعدٍّ ولا تفريط، فليس لك عليَّ وجه، كما لا أضمن له فلا أضمن لك. عذره وجيه ولَّا غير وجيه؟ وجيه.
إذن ينصرف زيدٌ إلى من؟ إلى عمرٍو فيضمِّنه. وعمرو يرجع على بكر ولَّا ما يرجع؟
طالب: لا يرجع.
الشيخ: لا يرجع؛ لأنها تلفت من غير تعدٍّ ولا تفريط.
مثال آخر -نفس المثال اللي معنا- لكن بكرًا تعدى في الوديعة أو فرَّط، فجاءه زيد يطالبه، له حق ولَّا ما له حق؟
طلبة: له حق.
الشيخ: لماذا؟
طالب: لأنه متعدٍّ.
الشيخ: لأنه تعدى أو فرَّط، فهو ضامن.
فإذا قال بكر لزيد: أنا لا أعرفك، أنا أخذتها من عمرو بناءً على أنها ملكه، قال: لكن أنا أعرفك؛ لأن مالي تلف عندك بتعدٍّ أو تلف عندك بتفريط، فأنت ضامن، سواء ضمنت لعمرو وأعطاني أو ضمنت لي، له ذلك ولَّا ليس له ذلك؟
طالب: له ذلك.
الشيخ: له ذلك، طيب.
المذهب يقولون: إن له أن يطالب بكرًا وإن كان جاهلًا، ما حجتهم؟ يقولون: لأن ماله تلف تحت يده، فإذا طالبه على المذهب -طالب بكرًا وأخذ منه الوديعة- فهل يرجع بكرٌ على عمرٍو؟
طالب: نعم.
الشيخ: نعم، يرجع بكرٌ على عمرٍو؛ لأن قرار الضمان على عمرو في هذه الصورة؛ حيث إن بكرًا لم يتعد ولم يفرط ولم يعلم.