فيما إذا علم بكرٌ في هذه الأحوال فلزيدٍ أن يطالبه؛ لو علم بكر أن عمرًا كان مودعًا لزيدٍ فإن لزيدٍ أن يطالب بكرًا رأسًا، ليش؟ لأنه متعدٍّ؛ بكر متعدٍّ بأخذ الوديعة، كيف؟ لأنه ليس له الحق أن يأخذ مال زيدٍ من عمرٍو، بل الواجب عليه إذا عرض عليه عمرٌو هذه الوديعة أن يقول: يا أخي، ليس لك حق أن تودع، هل أذن لك؟
على كل حال صار إذا علم الثاني فللمودع الأول أن يطالبه، وإن لم يعلم ففيه خلاف؛ فالمذهب أن له أن يطالبه، وحجتهم: أن المال تلف تحت يده.
وعلى ما مشى عليه الماتن: ليس له أن يطالبه، وحجتهم: أنه جاهل ومحسن، وقد قال الله تعالى:{مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}[التوبة: ٩١].
الحاكم كالأجنبي؛ يعني: أنه إن كان عالمًا فلربِّ الوديعة أن يطالبه، وإن كان جاهلًا ولم يتعد ولم يفرط فليس لرب الوديعة أن يطالبه.
ولكن في الصورة التي يطالب فيها الحاكم إلى من؟ كيف نطالب ها القاضي؟
طالب: عند حاكم آخر.
الشيخ: إي نعم، عند حاكم آخر؛ قاضٍ آخر؛ يعني: يروح يشكي القاضي على الأمير، والأمير يحولهما إلى قاض آخر، هذا إن كان القاضي لم يقضِ على نفسه، فإن قضى على نفسه فلا إشكال، زال الإشكال، إذا قال: نعم، الرجل أعطاني الوديعة، وأنا عالم بأنها وديعة عنده وأخذتها من باب التسامح، فحينئذٍ يضمن ولا إشكال فيه، ولا حاجة إن لم يطالب.
قال:(ولا يطالبان إن جهلا، وإن حدث خوف أو سفر ردها على ربها فإن غاب حملها معه إن كان أحرز، وإلا أودعها ثقة).