وإذا تعارض الضمان وعدم الضمان -واليد هنا يد أمانة- فالأصل عدم الضمان.
فالظاهر أنه لا يضمن في هذه الحال؛ لأن الناس لا يعدونه مفرطًا، رجل أخرج الدراهم من محرز لسبب شرعي، ليس عابثًا ولا لاعبًا، ثم نسي، فكل الناس يرون أنه ليس بمعتدٍّ، ويرون أن تضمينه في هذه الحال ليس بحسن، وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن.
يقول:(من محرز ثم ردها، أو رفع الختم) الختم أيش هو؟ كان من عادتهم أن الدراهم تحفظ في الأكياس، ثم تُشَد عليها الحبال، ثم يُخْتَم عليها، فإذا رفع الختم وأزاله فإنه يضمن، وإن كان الشد باقيًا لأن الختم أحرز؛ حيث إن الختم إذا بقي عُلِمَ أنه لم يتصرف فيها أحد، ولَّا لا؟ لكن الشد ربما يتصرف فيها إنسان ويعيدها على شكلها الأصلي، أما الختم فلا.
وتعرفون الختم ما هو؟ الختم: شمع أو رصاص، إذا شددت الحبل على الكيس فإنك تصب الرصاص أو الشمع ثم تأتي بالختم -والختم معروف- يعني: اسم الإنسان المختوم في خاتمه، ثم تضربه على الرصاص وهو مائع أو على الشمع ثم ينطبع، فإذا يبس صار اسم صاحبها عليها، فإذا رفع الختم فإن في ذلك إزالة لكمال الحفظ، ولَّا لا؟
وجه ذلك: أن ما لا ختم فيه يمكن لأي إنسان أن يحل رباطه ويأخذ ما شاء ثم يعيد الشد على ما كان عليه، لكن في الختم لا يمكن؛ لأنه إذا أزال الختم فلا يمكن أن يصور عليه ختمًا آخر؛ لأن اسم صاحبه مكتوب عليه.
على كل حال، الضابط: إذا أزال المودع ما فيه كمال الحفظ أو أصل الحفظ فعليه الضمان، ما فيه أصل الحفظ؛ كما لو أخرجها من المحرز، ما فيه كمال الحفظ؛ كما لو رفع الختم فإن عليه الضمان.
يقول المؤلف رحمه الله:(أو خلطها بغير متميز فضاع الكل ضمن)(خلطها بغير متميز) مثل أن يخلط دهنًا بدهن فضاع؛ سُرِقَ الكل، أو ( ... ) فعليه الضمان.
مثال ذلك: رجل أودعني قارورة فيها عسل فخلطها مع عسل لي، ثم سُرِقَ الكل، فعليَّ الضمان؛ لأني خلطها بغير متميز.