والمسألة فيها قولان لأهل العلم بناءً على تعارض الأدلة فيها، والأقرب: أن القول قول زيدٍ ما لم يوجد قرينة ظاهرة تدل على صدق عمرٍو، وإلا فإن الأصل عدم الرد.
وكثيرًا ما يقول الإنسان: إني رددتها عليك وهو ناسٍ، ثم بعد ذلك يجدها عنده، أقول: كثيرًا هذا ما يقع؛ يأتي المودع ويقول: أعطني الوديعة، فيقول: رددتها عليك، ثم بعد البحث والتفتيش أو تأتي صدفة هكذا يجدها عنده ويكون ناسيًا.
على كل حال الأقرب أن القول قول المودع؛ لأن الأصل معه، وعموم الحديث يشهد له، ونحن لم نجعل سبيلًا على هذا المحسن، وإنما أتينا بطريق شرعي يقتضي أن القول قول المنكر.
لكن إن عُرِفَ المودَع بالصدق وصار المودِع أقل منه ثقة عند الناس فالقول قول المودَع.
***
( ... ) وعلى آله وأصحابه أجمعين.
ما تقول في رجل أُودِع ثوبًا جديد ولما جاء ( ... )؟
(يُقْبَل قول المودع في ردها إلى ربه أو غيره بإذنه تلفها وعدم التفريط).
قوله: (يُقْبَل قول المودَع) بيَّنا فيما سبق ما لم تكن يده يد خيانة؛ يعني: فإذا تعدى أو فرط صارت يده يد ضمان على كل حال، فلا يُقْبَل قوله بالرد.
قوله: (أو غيره بإذنه) أظن ما شرحناها، يعني: ويُقْبَل قوله -أي: قول المودع- في ردها إلى غير ربها بإذن ربها، بأن يقول له لما قال: أعطني وديعتي، قال: أعطيتها فلانًا، قال: لماذا تعطيها فلانًا؟ قال: لأنك أمرتني بإعطائه، فيُقْبَل قوله في الرد.
فهنا مسألتان: المسألة الأولى: في ردها إلى ربها، والمسألة الثانية: في ردها إلى غير ربها بإذنه.
والمسألة الثالثة ما ذكرها هنا لكن ذكرها فيما سبق فيما إذا ردها إلى من يحفظ مال ربها، وقد سبق الخلاف في هذا؛ هل هذا جائز أو غير جائز؟
فإذن تكون الصور ثلاثة:
أولًا: ادعى أنه ردها إلى ربها. الصورة الأولى.
الصورة الثانية: ادعى أنه ردها إلى من يحفظ مال ربها.
الثالثة: ادعى أنه ردها إلى غيره بإذن ربها. هذه ثلاث صور.