للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن وصف المودَع ما فعل بالوديعة واختلفا هل هو تفريط أو غير تفريط، فما العمل؟ يُرْجَع إلى العرف، إي نعم، يعني قال المودَع: أنا ما فرطت، فقال صاحبها: بل فرط؛ لأنك فعلت كذا وكذا، قال: هذا ليس بتفريط، فقال صاحب الوديعة: بل هذا تفريط، ثم تنازعا، فإننا نرجع في ذلك إلى العرف والعادة، فإذا قالوا: هذا تفريط فعلى المودع الضمان، وإذا قالوا: ليس بتفريط فليس عليه ضمان.

لو قال قائل: لماذا لا ترجعون في هذه المسألة إلى اجتهاد المودع؛ فإن المودع فعل ذلك على أنه ليس بتعدٍّ ولا تفريط؟

فنقول في الجواب على ذلك: المرجع في هذا إلى العرف؛ لأن الواجب على المودع ألَّا يفعل شيئًا حتى يعلم أنه ليس بتفريط.

وليس هذا يتعلق بأمر بينه وبين الله حتى نقول: إذا اجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر، هذا يتعلق بأمر بين آدمي وآخر، والأمور التي بين الآدميين مبناها على الاحتياط وعلى الضمان.

***

( ... ) والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

سبق أن المودع إذا ادَّعى الرد إلى من أودعه ففيه خلاف ( ... ).

قال بعدم القبول، وسبق توجيه كل من القولين، وبيان الراجح منهما.

وسبق أيضًا فيما إذا ادعى المودَع أنه ردها إلى من يحفظ مال صاحبها، وذكرنا أن هذا أضعف من الأول.

وسبق أيضًا فيما إذا ادعى المودَع أنه ردها إلى غير صاحبها وإلى غير من يحفظ ماله لكن بإذن ربها، وبيَّنا أن هذا الأخير أضعف من السابقَيْن، وأن في ذلك كله خلافًا؛ فمنهم من قال: إن القول قول المودَع، ومنهم من قال: إن القول قول صاحب الوديعة، وذكرنا توجيه كل قول.

وسبق أيضًا أنه يُقْبَل قوله في التلف، إلا أن يدعي التلف بسبب ظاهر فلا بد من إقامة البينة على هذا السبب، ثم يُقْبَل قوله في تلفها به.

<<  <  ج: ص:  >  >>