إذا قال قائل: ألستم تقولون: إن المودَع لو ادعى رد الوديعة لقُبِلَ؟
نقول: بلى، لكن هناك فرقًا بين دعوى الوارث وبين دعوى المورِّث؛ المودع ائتمنه صاحب الوديعة شخصيًا، والوارث لم يأتمنه، وكان على الوارث أن يخبر المودِع من حين موت المودَع بأنه قد مات؛ حتى ينظر هل يقول المودِع: أبقها عندك أو يسحبها، أليس كذلك؟
خلاصة الحكم الآن: مات المودَع فجاء المودِع يطلب الوديعة، فقال وارث المودَع: قد ردها عليك، يُقْبَل ولَّا لا؟ لا يُقْبَل، إلا ببينة؛ لأنهم أضافوا الفعل إلى غيرهم، فلا يُقْبَل إلا ببينة.
أو قال وارث المودَع: رددناها عليك بعد موته، فقال المودِع: لا، فهل تُقْبَل دعوى الورثة أنهم ردوها؟ لا، إلا ببينة؛ وذلك لأن صاحب الوديعة لم يأتمنهم، وإنما ائتمن الميت، والميت قد مات.
(وإن طلب أحد المودِعَيْن نصيبه من مكيل أو موزون ينقسم أَخَذَه).
مثال ذلك: زيدٌ وعمرٌو أتيا إلى بكرٍ ومعهما كيس قمحٍ وقالا لبكر: خذ هذا وديعة، وهو بيننا نصفين، ثم ذهبا، ثم جاء بعد ذلك عمرٌو وقال لبكرٍ: أعطني نصيبي من القمح، فهل لبكرٍ أن يمتنع ويقول: أنتما أودعتماني جميعًا فلا أعطيكما إلا جميعًا؟ يقول المؤلف: لا. لماذا؟ لأنهما قد أعلماه بأن القمح بينهما نصفين، وهذا جاء يأخذ نصيبه.
هل نحبسه حتى يأتي شريكه؟ قد لا يأتي شريكه إلا بعد مدة طويلة وقد لا يأتي أبدًا.
فالمهم أننا نقول لهذا المودع أو نقول لأحد المودِعَيْن: لك أن تأخذ نصيبك، وليس للمودَع حق في أن يمنعك منه.
فإذا كان هذا المودع لا يعلم مقدار نصيب الشريك وجاء إليه الشريك وقال: أعطني نصيبي من القمح الذي أودعناك أنا وزيد إياه، فهل يلزمه أن يعطيه؟